لأنكر عَلَيْهِ فَمَا أنكر عَلَيْهِ أحد لِأَن أَبَا عبيد كَانَ رجلا لَا يطعن عَلَيْهِ فى علم وَلَا تلْحقهُ ظنة فى رشوة وَلَا يَحِيف فى حكم وَكَانَ يُورث ذوى الْأَرْحَام
قَالَ ابْن الْحداد وَمَا كَانَ أَبُو عبيد يُؤمر أحدا بل إِذا ذكر تكين أَمِير مصر يَقُول أَبُو مَنْصُور تكين وَلَا يَقُول الْأَمِير قَالَ وَكَانَ إِذا ركب لَا يلْتَفت وَلَا يتحدث مَعَ أحد وَلَا يصلح رِدَاءَهُ وَركب مرّة إِلَى أَمِير مصر تكين وَهُوَ بالجيزة فى كاينة اتّفقت لَهُ فَقيل لَهُ قد رأى القاضى النّيل فَقَالَ قد سَمِعت خرير المَاء
قلت فَللَّه در قَاض أَقَامَ بِمصْر ثمانى عشرَة سنة لم يبصر النّيل وَكَانَت الكاينة الَّتِى خرج فِيهَا تكين إِلَى الجيزة قد قتل فِيهَا فى الْوَاقِعَة على ماقيل نَحْو من خمسين ألفا أَرَادَ تكين أَن يحْفر لَهُم خَنْدَقًا ويدفنهم فَخرج إِلَيْهِ القاضى وَقَالَ إِنَّك إِن فعلت ذَلِك تلفت الْمَوَارِيث وَلَكِن نَاد فى النَّاس من لَهُ قَتِيل يَأْخُذهُ فَفعل تكين مَا قَالَه
قَالَ ابْن زولاق وَجرى للقاضى فى هَذَا الْخُرُوج إِلَى الجيزة خبر عَجِيب حركه الْبَوْل وَهُوَ رَاجع فَعدل إِلَى بُسْتَان فَنزل وبال واستنجى وَتَوَضَّأ من مَائه ثمَّ انْصَرف ثمَّ سَأَلَ بعد أَيَّام عَن الْبُسْتَان فَقيل لفلانة فَأرْسل إِلَيْهَا يستأذنها على الْحُضُور إِلَيْهَا فارتاعت لذَلِك وَقَالَت أَنا أركب إِلَيْهِ وَكَانَت من أهل الأقدار فَأبى فَركب إِلَيْهَا أَبُو عبيد وَقد فرشت لَهُ الدَّار وحسنتها فَقَالَ لَهَا الْبُسْتَان لَك وَحدك بِلَا شريك فَقَالَت نعم وَأَنا الَّتِى أسقيه من مائى قَالَ فَأَنا نزلت فى أرضه وتوضأت من مَائه فخذى ثمن ذَلِك فَبَكَتْ وَقَالَت أَيهَا القاضى أَنْت فى حل وَلَو علمت أَن القاضى يقبله هَدِيَّة لأهديته إِلَيْهِ فَقَالَ لَهَا عَن طيب نفس تركت وَلم تتركى ذَلِك لأجل القاضى وحرمته فَقَالَت نعم فَانْصَرف