وَقَالَ النووى إِن قَول أَبى عبيد هَذَا غلط فَاحش مُخَالف للأحاديث الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اصنعوا كل شىء إِلَّا النِّكَاح) وَلِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُبَاشر فَوق الْإِزَار قَالَ وَقد خَالف قَائِله إِجْمَاع الْمُسلمين
قَالَ ابْن الرّفْعَة الْإِجْمَاع إِن صَحَّ فالغلط فَاحش وَإِن لم يَصح فَفِيهِ للبحث مجَال لِأَن الشافعى قَالَ فى الْأُم فى الْجُزْء الرَّابِع عشر فى بَاب مَا ينَال من الْحَائِض تحْتَمل الْآيَة فاعتزلوا فروجهن لما وصف من الْأَذَى وتحتمل اعتزال فروجهن وَجَمِيع أبدانهن فروجهن وَبَعض أبدانهن دون بعض وَأظْهر مَعَانِيه اعتزال أبدانهن كلهَا
وَإِذا كَانَ هَذَا ظَاهر الْآيَة فَمَا ذكر من مُبَاشرَة النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحائض فِيمَا فَوق الْإِزَار يجوز أَن يكون من خَصَائِصه كَيفَ وَسِيَاق الْآيَة يصرفهَا إِلَى الْأمة قَالَ الله تَعَالَى {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} وَالظَّاهِر أَن قَوْله تَعَالَى {فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} من جملَة مَا أَمر أَن يَقُوله لَهُم وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ غير دَاخل بِاللَّفْظِ فيهم وَإِن قَالَ بَعضهم إِنَّه يَشْمَلهُ الْخطاب لكنه من غير اللَّفْظ وَإِذا كَانَ غير دَاخل فيهم فَلَا يكون فعله مُبينًا لَهُ مُقَيّدا أَو مُخَصّصا لما اقْتَضَاهُ ظَاهر الْآيَة فيهم
وَأما قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام (اصنعوا كل شىء إِلَّا النِّكَاح) فَلَعَلَّ أَبَا عبيد يحمل النِّكَاح على الْمُبَاشرَة بآلته وَهُوَ الذّكر وَلَا يَخُصُّهُ بِمحل بل يجريه فى جَمِيع الْبدن كَمَا هُوَ ظَاهر الْآيَة وَيكون قَائِلا بِإِبَاحَة الْقبْلَة والمعانقة وَنَحْوهمَا وَيحمل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك