(وَلَو أَن أهل الْعلم صانوه صانهم ... وَلَو عظموه فى النُّفُوس لعظما)
(وَلَكِن أهانوه فهان ودنسوا ... محياه بالأطماع حَتَّى تجهما)
لله هَذَا الشّعْر مَا أبلغه وأصنعه وَمَا أَعلَى على هام الجوزاء مَوْضِعه وَمَا أنفعه لَو سَمعه من سَمعه وَهَكَذَا فَلْيَكُن وَإِلَّا فَلَا أدب كل فَقِيه ولمثل هَذَا النَّاظِم يحسن النّظم الذى لَا نَظِير لَهُ وَلَا شَبيه وَعند هَذَا ينْطق الْمنصف بعظيم الثَّنَاء على ذهنه الْخَالِص لَا بالتمويه
وَقد نحا نَحوه شيخ الْإِسْلَام سيد الْمُتَأَخِّرين أَبُو الْفَتْح ابْن دَقِيق الْعِيد فَقَالَ لما كَانَ مُقيما بِمَدِينَة قوص
(يَقُولُونَ لى هلا نهضت إِلَى الْعلَا ... فَمَا لذ عَيْش الصابر المتقنع)
(وهلا شددت العيس حَتَّى تحلها ... بِمصْر إِلَى ظلّ الجناب المرفع)
(فَفِيهَا من الْأَعْيَان من فيض كَفه ... إِذا شَاءَ روى سيله كل بلقع)
(وفيهَا قُضَاة لَيْسَ يخفى عَلَيْهِم ... تعين كَون الْعلم غير مضيع)
(وفيهَا شُيُوخ الدّين وَالْفضل والألى ... يُشِير إِلَيْهِم بالعلا كل أصْبع)
(وفيهَا وفيهَا والمهانة ذلة ... فَقُمْ وَاسع واقصد بَاب رزقك واقرع)
(فَقلت نعم أسعى إِذا شِئْت أَن أرى ... ذليلا مهانا مستخفا بِموضع)
(وأسعى إِذْ مَا لذ لى طول موقفى ... على بَاب مَحْجُوب اللِّقَاء ممنع)
(وأسعى إِذا كَانَ النِّفَاق طريقتى ... أروح وأغدو فِي ثِيَاب التصنع)
(وأسعى إِذا لم يبْق فى بَقِيَّة ... أراعى بهَا حق التقى والتورع)
(فكم بَين أَرْبَاب الصُّدُور مجالسا ... تشب بهَا نَار الغضى بَين أضلعى)