وَأما الْفَصْل الثَّالِث وَهُوَ الْمُعَاوضَة فَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن أَحدهمَا إِن قَالَ لَا أسلم أَن بِمثل سَبَب الْخراج يجب على الْمُسلم حق فَإِن الْخراج إِنَّمَا وَجب بِسَبَب التَّمَكُّن من الِانْتِفَاع مَعَ الْكفْر وَالْعشر إِنَّمَا لزم للْأَرْض بِحَق الله وَهُوَ الْإِسْلَام
وَالثَّانِي أَنه إِن كَانَ هُنَاكَ حق يجب بِمثل سَبَب الْخراج فَيحسن أَن يجْرِي عَلَيْهِ الَّذِي فِي حَال الْإِسْلَام فَلهَذَا جَازَ أَن يبْقى مَا تقدم وُجُوبه فِي حَال الْكفْر فَكَذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا يجب بِمثل سَبَب الْجِزْيَة حق حَتَّى يجْرِي عَلَيْهِ فِي حَال الْإِسْلَام وَهُوَ زَكَاة الْفطر فَإِن الزَّكَاة وَزَكَاة الْفطر تجب عَن الرَّقَبَة فَيجب أَن الْجِزْيَة تجب عَن الرَّقَبَة وَأَن يبْقى مَا وَجب من ذَلِك فِي حَال الْكفْر فَلَا فرق بَينهمَا
فَقَالَ أَبُو عبد الله الدَّامغَانِي على فصل الزَّكَاة على الْجَواب الأول وَهُوَ قَالَ فِيهِ إِن ذَلِك حجَّة فَإِنَّهُمَا يستويان فِي اعْتِبَار الْإِسْلَام فِي حَال وَاحِد من الزكاتين فَقَالَ لَا يمْتَنع أَن يكون الْكفْر يعْتَبر فِي كل وَاحِد من الخراجين ثمَّ يخْتَلف حكمهمَا بعد ذَلِك فِي الِاسْتِيفَاء كَمَا أَن زَكَاة الْفطر وَزَكَاة المَال يستويان فِي أَن المَال مُعْتَبر فِي حَال وَاحِدَة فيهمَا ثمَّ يَخْتَلِفَانِ فِي كَيْفيَّة الِاعْتِبَار فَالْمُعْتَبر فِي زَكَاة الْفطر أَن مَعَه مَا يُؤَدِّي فَاضلا عَن كِفَايَته عنْدكُمْ وَالْمُعْتَبر فِي سَائِر الزكوات أَن يكون مَالِكًا لنصاب فَكَذَلِك هَاهُنَا يجوز أَن يَسْتَوِي الخراجان فِي اعْتِبَار الْكفْر فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا ثمَّ يخْتَلف حكمهمَا عِنْد الِاسْتِيفَاء فَيعْتَبر الْبَقَاء على الْكفْر فِي أَحدهمَا دون الآخر
وَجَوَاب ثَان أَن الزكاتين إِنَّمَا أثر الْكفْر فيهمَا على وَجه وَاحِد لِأَنَّهُمَا يجبان على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute