للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحُسَيْن على الْعَادة المألوفة مُنْذُ نَيف وَسِتِّينَ سنة ويعظ النَّاس فَبَالغ فِيهِ وَدفع إِلَيْهِ كتاب ورد من بُخَارى مُشْتَمل على ذكر وباء عَظِيم وَقع بهَا واستدعي فِيهِ أَغْنِيَاء الْمُسلمين بِالدُّعَاءِ على رُءُوس الأملاء فِي كشف ذَلِك الْبلَاء عَنْهُم وَوصف فِيهِ أَن وَاحِدًا تقدم إِلَى خباز يَشْتَرِي الْخبز فَدفع الدَّرَاهِم إِلَى صَاحب الْحَانُوت فَكَانَ يزنها والخباز يخبز وَالْمُشْتَرِي وَاقِف فَمَاتَ الثَّلَاثَة فِي الْحَال فَاشْتَدَّ الْأَمر على عَامَّة النَّاس

فَلَمَّا قَرَأَ الْكتاب هاله ذَلِك واستقرأ من القارىء قَوْله تَعَالَى {أفأمن الَّذين مكروا السَّيِّئَات أَن يخسف الله بهم الأَرْض} ونظائرها وَبَالغ فِي التخويف والتحذير وَأثر فِيهِ ذَلِك وَتغَير فِي الْحَال وغلبه وجع الْبَطن من سَاعَته وَأنزل من الْمِنْبَر فَكَانَ يَصِيح من الوجع وَحمل إِلَى الْحمام إِلَى قريب من غرُوب الشَّمْس فَكَانَ يتقلب ظهرا لبطن ويصيح ويئن فَلم يسكن مَا بِهِ فَحمل إِلَى بَيته وَبَقِي فِيهِ سِتَّة أَيَّام لم يَنْفَعهُ علاج

فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْخَمِيس سَابِع مَرضه ظَهرت آثَار سكر الْمَوْت عَلَيْهِ وودع أَوْلَاده وأوصاهم بِالْخَيرِ ونهاهم عَن لطم الخدود وشق الْجُيُوب والنياحة وَرفع الصَّوْت بالبكاء

ثمَّ دَعَا بالمقرىء أبي عبد الله خاصته حَتَّى قَرَأَ سُورَة يس وَتغَير حَاله وطاب وقته وَكَانَ يعالج سَكَرَات الْمَوْت إِلَى أَن قَرَأَ إِسْنَادًا فِيهِ مَا رُوِيَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة) ثمَّ توفّي من سَاعَته عصر يَوْم الْخَمِيس وحملت جنَازَته من الْغَد عصر يَوْم الْجُمُعَة إِلَى ميدان الْحُسَيْن الرَّابِع من الْمحرم سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَاجْتمعَ من الْخَلَائق مَا الله أعلم بعددهم وَصلى عَلَيْهِ ابْنه أَبُو بكر ثمَّ أَخُوهُ أَبُو يعلى ثمَّ نقل إِلَى مشْهد أَبِيه فِي سكَّة حَرْب وَدفن بَين يَدي أَبِيه

<<  <  ج: ص:  >  >>