بقلعة ألموت بِنَاحِيَة قزوين وَأظْهر الزّهْد إغواء للنَّاس وتسلم القلعة الْمَذْكُورَة بِالْجَبَلِ فَبلغ نظام الْملك فَأرْسل لَهُ عسكرا ضايقوه فَبعث هُوَ لما علم أَنه لَا قبل لَهُ بنظام الْملك من قتل نظام الْملك وَصَارَ الْإِقْدَام على الْقَتْل سنة للباطنية واستفحل أَمرهم بعد الصاحب وَهَذَا القَوْل هُوَ الْأَقْرَب عِنْدِي إِلَى الصِّحَّة
وَمن قَائِل إِن السُّلْطَان هُوَ الَّذِي دس عَلَيْهِ هَذَا الْقَاتِل وَذكروا لذَلِك أسبابا ظَهرت على السُّلْطَان حاصلها أَنه كَانَ بَينهمَا وَحْشَة من قبل أَن نظام الْملك كَانَ يعظم أَمر الْخَلِيفَة كَمَا قدمْنَاهُ وَكلما أَرَادَ السُّلْطَان نزع الْخَلِيفَة مَنعه النظام وَأرْسل فِي الْبَاطِن إِلَى الْخَلِيفَة ينبهه ويرشده إِلَى استمالة خاطر السُّلْطَان وَلم يكن النظام يفعل ذَلِك إِلَّا تدينا وذبا عَن حَرِيم الْخلَافَة وَإِلَّا فقد كَانَت حَالَته وحشمته إضعاف أَحْوَال الْخُلَفَاء
وَفِي حُدُود سنة سبعين لما فهم النظام التَّغَيُّر من السُّلْطَان على الْخَلِيفَة أرسل إِلَى الْخَلِيفَة وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يخْطب ابْنة السُّلْطَان لينسج الود بَينهمَا فَخَطَبَهَا وَكَانَ السفير بَينهمَا الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ صَاحب التَّنْبِيه فَتزَوج بهَا وَدخل بهَا فِي أول سنة ثَمَانِينَ وَكَانَ عرسا هائلا تناقل أخباره المؤرخون فاستمرت مَعَه إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ أرْسلت إِلَى والدها تَشْكُو من الْخَلِيفَة كَثْرَة اطراحه لَهَا فَأرْسل يطْلب بنته مِنْهُ طلبا لَا بُد مِنْهُ فأرسلها الْخَلِيفَة وَمَعَهَا وَلَدهَا جَعْفَر فَذَهَبت فَمَاتَتْ بأصبهان فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ
فَلَمَّا كَانَ شهر رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ توجه السُّلْطَان من أَصْبَهَان إِلَى بَغْدَاد عَازِمًا على تَغْيِير الْخَلِيفَة وَعرف أَن ذَلِك لَا يتم لَهُ ونظام الْملك فِي الْحَيَاة فَعمل على قَتله قبل الْوُصُول إِلَى بَغْدَاد حَسْبَمَا شرحناه