وَإِنَّمَا هُوَ كتأجيل الدّين وَلَا أَعنِي صَيْرُورَته مُؤَجّلا وَأَن الْحَال لَا يُؤَجل وَإِنَّمَا أَعنِي نَحْو الْوَصِيَّة أَو نذر تَأْخِير الْمُطَالبَة وَكَأَنَّهُ ترك حَقه من الْمُطَالبَة فِي الدُّنْيَا نعم يتَّجه أَن يُقَال لَا يبرأ مُطلقًا وَيبقى الدّين فِي ذمَّته كَمَا كَانَ غير أَن الدَّائِن لَا يسْتَحق الْمُطَالبَة بِهِ فِي الدُّنْيَا وَإِن أحب الْمَدِين الْبَرَاءَة الْكُلية الَّتِي لَا يتبعهُ مَعهَا فِي دنيا وَلَا أُخْرَى وَفِي الدَّائِن دينه ثمَّ للدائن أَخذه وَلَا يمنعهُ إبراؤه فِي الدُّنْيَا لأَنا قد قُلْنَا إِن معنى الْإِبْرَاء فِي الدُّنْيَا ترك حق الْمُطَالبَة فغايته تَأْجِيل الْحَال ثمَّ من لَهُ دين مُؤَجل قد يعجل لَهُ
فَإِن قلت أيصح رد كَلَام الحناطي بِأَن يعكس قَوْله لما أَبرَأَهُ فِي الدُّنْيَا بَرِيء فِي الْآخِرَة وَيُقَال لما لم يبرأ فِي الْآخِرَة لم يبرأ فِي الدُّنْيَا يعين مَا قَالَه فَإِنَّهُ علله بِأَن الْآخِرَة تَابِعَة وكما لَا ينْفَصل التَّابِع عَن الْمَتْبُوع كَذَلِك لَا ينْفَصل الْمَتْبُوع عَن التَّابِع وَذَلِكَ شَأْن المتلازمين
قلت لَا يَصح ذَلِك لِأَن إِعْمَال قَوْله أَبْرَأتك فِي الدُّنْيَا أولى من إِعْمَال لم أبرئك فِي الْآخِرَة فَإِن قَوْله دون الْأُخْرَى لَا يزِيد على أَنه بَقِي الْأَمر فِي الْآخِرَة على مَا كَانَ عَلَيْهِ
وَذَلِكَ مُسْتَفَاد من قبل الْإِبْرَاء وَهُوَ إِنَّمَا أصدر الْإِبْرَاء فِي الدُّنْيَا وَجعل صدر كَلَامه مَكَانَهُ أولى بِأَن ينظر إِلَيْهِ ويحذف مَا بعده لوُقُوعه كالمعارض لَهُ فَهُوَ يشبه رفع الشَّيْء بعد ثُبُوته فَلَا يسمع كألف من ثمن خمر