للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا هُوَ أَنه لَو جرحه ألف جِرَاحَة فاندملت لم تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة فَثَبت أَن الْكَفَّارَة تتَعَلَّق بِالْقَتْلِ وَأَن الْجرْح لَيْسَ بِسَبَب وَلَا جُزْء من السَّبَب ثمَّ جَوَّزنَا إِخْرَاج الْكَفَّارَة فَدلَّ على مَا قُلْنَاهُ

فَأجَاب القَاضِي أَبُو الْحسن الطَّالقَانِي عَن الْفَصْل الأول بِأَن قَالَ أما قَول القَاضِي الإِمَام أدام الله تأييده إِن الْيَمين لَا يُغير الشَّيْء عَن صفته فِي الْإِبَاحَة بل يبْقى الشَّيْء بعد الْيَمين على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل الْيَمين فَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْيَمِين لَا تثبت تَحْرِيمًا فِيمَا لَا يحرم وَلكنهَا لَا توجب منعا وَالشَّيْء تَارَة يكون الْمَنْع مِنْهُ لتَحْرِيم عينه كَمَا نقُول فِي الْخمر وَالْخِنْزِير إِنَّه يمْتَنع بيعهمَا لتَحْرِيم أعيانهما وَتارَة يمْتَنع مِنْهُ لِمَعْنى فِي غَيره كَمَا يمْنَع من أكل مَال الْغَيْر بِحَق مَاله لِأَن الشَّيْء فِي نَفسه غير محرم فَكَذَلِك هَاهُنَا

فداخله القَاضِي أَبُو الطّيب فِي هَذَا الْفَصْل فَقَالَ فَيجب أَن نقُول إِنَّه يَأْثَم بِشرب المَاء كَمَا يَأْثَم بتناول مَال الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه

فَقَالَ هَكَذَا أَقُول إِنَّه يَأْثَم بشربه كَمَا يَأْثَم بتناول الْغَيْر

وَأما قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم} فَهُوَ الْحجَّة عَلَيْهِ لِأَن الله تَعَالَى أخبر أَنه حرمهَا على نَفسه وَهَذَا يدل على إِثْبَات التَّحْرِيم وَمَا ذَكرْنَاهُ من تَأْوِيل الْآيَة وَحملهَا على تقليل الْيَمين وَتركهَا فَهُوَ خلاف الظَّاهِر وَذَلِكَ أَن الْآيَة تَقْتَضِي حفظ يَمِين مَوْجُودَة وَإِذا حملناها على مَا ذكر من ترك الْيَمين كَانَ ذَلِك حفظا لِمَعْنى غير مَوْجُود فَلَا يكون ذَلِك حملا للفظ على غير ظَاهره وَحَقِيقَته ومراعاة الظَّاهِر والحقيقة أولى

<<  <  ج: ص:  >  >>