للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِأَنَّهُ قد اجترأ عَلَيْهِ بظنه فِي هَذِه الْمَوَاضِع وَترك التَّحَرُّز فِي الرَّمْي وَإِذا أصَاب مُسلما فَقتله علمنَا أَنه فرط وَترك الِاسْتِظْهَار فِي الرَّمْي فَكَانَ إِيجَاب الْكَفَّارَة لما حصل من جِهَته من التَّفْرِيط وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي كَفَّارَة قتل الْخَطَأ {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين تَوْبَة من الله} وَهَذَا يدل على أَن كَفَّارَة قتل الْخَطَأ على وَجه التَّطْهِير وَالتَّوْبَة

وَأما الْفَصْل الثَّانِي وَهُوَ النَّقْض فَلَا يلْزم وَذَلِكَ أَن الْجرْح هُوَ السَّبَب فِي فَوَات الرّوح وَإِذا وجد الْجرْح وسرى إِلَى النَّفس اسْتندَ فَوَات الرّوح إِلَى ذَلِك الْجرْح فَصَارَ قَاتلا بِهِ فَيكون الْجرْح سَبَب إِيجَاب الْكَفَّارَة

وَتكلم القَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ على الْفَصْل الأول بِأَن قَالَ قد ثَبت أَن الْيَمين لَا يجوز أَن يُغير صفة الْمَحْلُوف عَلَيْهِ

ودللت عَلَيْهِ بِمَا ذكرت

وَلنَا قَوْلك إِنَّمَا يُوجب الْمَنْع من فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فَإِذا فعل فَكَأَنَّهُ أَثم فَكَأَنِّي أدلك فِي هَذَا الْإِجْمَاع وَذَلِكَ أَنِّي لَا أعلم خلافًا للأئمة أَنه إِذا حلف لَا يشرب المَاء أَو لَا يَأْكُل الْخبز أَنه يجوز الْإِقْدَام وَأَنه لَا إِثْم عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَهَذَا الْقدر مِنْهُ فِيهِ كِفَايَة وَالَّذِي يبين فَسَاد هَذَا وَأَنه لَا يجوز أَن يكون فِيهِ إِثْم هُوَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آلى من نِسَائِهِ وَكفر عَن يَمِينه وَلَا يجوز أَن ينْسب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه فعل مَا أَثم عَلَيْهِ

وَأما الْآيَة الَّتِي اسْتدلَّ بهَا فقد ثَبت تَأْوِيلهَا وَأَن المُرَاد بهَا ترك الْيَمين

وَقَوله إِن هَذَا يَقْتَضِي حفظ يَمِين مَوْجُودَة فَلَا يَصح لِأَنَّهُ يجوز أَن يسْتَعْمل ذَلِك فِيمَا لَيْسَ بموجود أَلا ترى أَنهم يَقُولُونَ احفظ لسَانك وَالْمرَاد بِهِ احفظ كلامك

<<  <  ج: ص:  >  >>