للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأما دليلك الثَّالِث على هَذَا الْفَصْل فقد بَينا بُطْلَانه بِمَا ذَكرْنَاهُ من أَن الخاطىء وَالنَّاسِي

وقولك إِن الخاطىء أَيْضا مَا وَجب عَلَيْهِ إِلَّا لضرب من التَّفْرِيط حصل من جِهَته فَلَا يَصح لِأَنِّي ألزمك مَا لَا تَفْرِيط فِيهِ وَهُوَ الرجل إِذا رمى وسدد الرَّمْي وَرمى وَعرضت لَهُ ريح فعدلت بِالسَّهْمِ إِلَى رجل فَقتلته أَو رمى إِلَى دَار الْحَرْب فَأصَاب مُسلما فَإِن الرَّمْي مُبَاح مُطلق وَالدَّار دَار مُبَاحَة وَلِهَذَا يجوز مباغتتهم لَيْلًا وَنصب المنجنيق عَلَيْهِم وَلَا يلْزم التحفظ مَعَ إِبَاحَة الرَّمْي على الْإِطْلَاق ثمَّ أَوجَبْنَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَة فَدلَّ على أَنه لَيْسَ طَرِيق إيجابنا الْكَفَّارَة مَا ذَكرُوهُ من الْإِثْم

ويدلك على ذَلِك أَن النَّاسِي لَيْسَ من جِهَته تَفْرِيط وَلَا إِثْم وَكَذَلِكَ من استكره عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عَفا الله لأمتي عَن الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ) ثمَّ أوجب عَلَيْهِم الْكَفَّارَة

فَدلَّ هَذَا كُله على مَا ذكرت

على أَنه لَا اعْتِبَار فِي إِيجَاب الْكَفَّارَة بالإثم والتفريط وَيبين صِحَة هَذَا لَو حلف لَا يُطِيع الله تَعَالَى أَوجَبْنَا عَلَيْهِ الْحِنْث والمخالفة وألزمناه الْكَفَّارَة وَمن الْمحَال أَن تكون الْكَفَّارَة وَاجِبَة للإثم وتغطية الذَّنب ثمَّ نوجبها فِي الْموضع الَّذِي نوجب عَلَيْهِ أَن يَحْنَث وَأما النَّقْض فَلم يجز فِيهِ أَكثر مِمَّا تقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>