وَأما عِلّة الْفَرْع فصحيحة أَيْضا وإنكارك لَهَا لَا يَصح لما ثَبت أَن من أصلك أَن الطَّلَاق لَا يُفِيد أَكثر من نُقْصَان الْعدَد وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ جَوَاز وَطْء الرَّجْعِيَّة وَمَا زعمت من أَن الرّجْعَة تصح مِنْهُ بِالْمُبَاشرَةِ غلط لِأَنَّهُ يبتدىء بمباشرتها وَهِي أَجْنَبِيَّة فَكَانَ يجب أَن يكون ذَلِك محرما وَيكون تَحْرِيمه تَحْرِيم الزِّنَا كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (العينان تزنيان وَالْيَدَانِ تزنيان وَيصدق ذَلِك الْفرج) وَلما قُلْتُمْ إِنَّه يجوز أَن يقدم على مباشرتها دلّ على أَنَّهَا بَاقِيَة على الزَّوْجِيَّة
وَأما مَا ذكرت من مَسْأَلَة الْعصير فَلَا يلْزم لِأَن الْعُقُود كلهَا لَا تعود معقودة إِلَّا بِعقد جَدِيد يبين صِحَة هَذَا البيع والإجارات وَالصُّلْح وَالشَّرِكَة والمضاربات وَسَائِر الْعُقُود فَإِذا كَانَت عَامَّة الْعُقُود على مَا ذَكرْنَاهُ من أَنَّهَا إِذا ارْتَفَعت لم تعد إِلَّا باستئناف أَمْثَالهَا لم يجز إبِْطَال هَذَا بِمَسْأَلَة شَاذَّة عَن الْأُصُول
وَهَذَا كَمَا قلت لأبي عبد الله الْجِرْجَانِيّ وَفرقت بَين إِزَالَة النَّجَاسَة وَالْوُضُوء بِأَن إِزَالَة النَّجَاسَة طريقها التروك والتروك مَوْضُوعَة على أَنَّهَا لَا تفْتَقر إِلَى النِّيَّة كَتَرْكِ الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر وَغير ذَلِك فألزمني على ذَلِك الصَّوْم فَقلت لَهُ غَالب التروك وعامتها مَوْضُوعَة على مَا ذكرت فَإِذا شَذَّ مِنْهَا وَاحِد لم ينْتَقض بِهِ غَالب الْأُصُول وَوَجَب رد الْمُخْتَلف فِيهِ إِلَى مَا شهد لَهُ عَامَّة الْأُصُول وغالبها لِأَنَّهُ أقوى فِي الظَّن
وعَلى أَن من أَصْحَابنَا من قَالَ إِن العقد لَا يَنْفَسِخ فِي الرَّهْن بل هُوَ مَوْقُوف مراعى فعلى هَذَا لَا أسلمه وَلِأَن أصل أبي حنيفَة أَن العقد لَا يَزُول وَالْملك لَا يرْتَفع
تكلم الشَّيْخ أَبُو الْحُسَيْن على الْفَصْل الأول بِأَن قَالَ قد ثَبت أَن الْجمع بَين الْمُطَالبَة بتصحيح الْعلَّة وَعدم التَّأْثِير غير جَائِز
وَأما مَا ذكرت من أَن هَذَا دَلِيل مَا لم يظْهر مَا هُوَ أقوى مِنْهُ كَمَا نقُول فِي الْقيَاس