ورأيته أدام الله عصمته اخْتَار فِي تحلية الدَّابَّة بِالْفِضَّةِ جَوَازهَا وَأَظنهُ علم كَلَام الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي كتاب مُخْتَصر الْبُوَيْطِيّ وَالربيع وَرِوَايَة مُوسَى بن أبي الْجَارُود حَيْثُ يَقُول وَإِن اتخذ رجل أَو أمْرَأَة آنِية من فضَّة أَو من ذهب أَو ضببا بهما آنِية أَو ركباه على مشجب أَو سرج فعلَيْهِمَا الزَّكَاة وَكَذَلِكَ اللجم والركب
هَذَا مَعَ قَوْله فِي روايتهم لَا زَكَاة فِي الْحلِيّ الْمُبَاح وَحَيْثُ لم يخص بِهِ الذَّهَب بِعَيْنِه فَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بِهِ كليهمَا جَمِيعًا وَإِن كَانَت الْكِنَايَة بالتذكير يحْتَمل أَن تكون رَاجِعَة إِلَى الذَّهَب دون الْفضة كَمَا قَالَ الله عز وَجل {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله} فَالظَّاهِر عِنْد أَكثر أهل الْعلم أَنه أَرَادَ بِهِ كليهمَا مَعًا وَإِن كَانَت الْكِنَايَة بالتأنيث يحْتَمل أَن تكون رَاجِعَة إِلَى الْفضة دون الذَّهَب
وَقد علم الشَّيْخ أبقاه الله وُرُود التَّحْرِيم فِي الْأَوَانِي المتخذة من الذَّهَب وَالْفِضَّة عَامَّة ثمَّ وُرُود الْإِبَاحَة فِي تحلية النِّسَاء بهما وتختم الرِّجَال بِالْفِضَّةِ خَاصَّة ووقف على اخْتِلَاف الصَّدْر الأول رَضِي الله عَنْهُم فِي حلية السيوف واحتجاج كل فريق مِنْهُم لقَوْله بِخَبَر فَنحْن وَإِن رجحنا قَول من قَالَ بإباحتها بِنَوْع من وُجُوه الترجيحات ثمَّ حظرنا تحلية السَّيْف والسرير وَسَائِر الْآلَات وَلم نقسها على التَّخَتُّم بِالْفِضَّةِ وَلَا على حلية السيوف فتصحيح إِبَاحَة تحلية الدَّابَّة بِالْفِضَّةِ من غير وُرُود أثر صَحِيح مِمَّا يشق ويتعذر وَهُوَ أدام الله توفيقه أهل أَن يجْتَهد وَيتَخَيَّر
وَمَا اسْتدلَّ بِهِ من الْخَبَر بِأَن أَبَا سُفْيَان أهْدى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعِيرًا برته من فضَّة فَغير مشتهر وَهُوَ إِن كَانَ فَلَا دلَالَة لَهُ فِي فعل أبي سُفْيَان إِذْ لم يثبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه تَركه ثمَّ رَكبه أَو أركبه غَيره