وَالثَّانِي أَن كَونهَا سَابِقَة يُوجب كَونهَا لم تقع ضمن دَعْوَى من يتحققان أَنه الْمَشْهُود لَهُ فَيضر وَلَا يؤديان حَتَّى يعرفانه وَيبقى النّظر بعد ذَلِك فِي أَنَّهُمَا إِذا قَامَت الْبَيِّنَة بِأَنَّهُ فلَان بن فلَان هَل يَشْهَدَانِ أَنه الْمقر لَهُ أَو إِنَّمَا يَشْهَدَانِ أَنه أقرّ لفُلَان بن فلَان وَلَا يذكران أَنه هَذَا لِأَن قيام الْبَيِّنَة بِأَنَّهُ هُوَ لَا يُوجب لَهما الْعلم بِأَنَّهُ هُوَ هَذَا مَحل نظر
ظَاهر كَلَام القَاضِي يدل للْأولِ وَقد يخرج ذَلِك على طَريقَة من يَكْتَفِي بِالتَّسَامُعِ فِي ثُبُوت النّسَب من عَدْلَيْنِ كَمَا هِيَ طَريقَة الشَّيْخ أبي حَامِد لَا سِيمَا وَقد تَأَكد ذَلِك بِقِيَام الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَن يحمل كَلَامه على الثَّانِي وَيُقَال إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ للمسمى بِهَذَا الِاسْم وَيكون الضَّمِير فِي قَول القَاضِي لَهُ عَائِدًا على فلَان بن فلَان لَا على هَذَا الشَّخْص لِأَنَّهُمَا لَا يعرفانه بِهَذَا النّسَب فَكيف يَشْهَدَانِ لشخصه وَالْمَسْأَلَة لَيست مسوقة للشَّهَادَة بِالنّسَبِ بل للشَّهَادَة بِالْمَالِ ومصورة بِمَا إِذا قَالَ فلَان بن فلَان بن فلَان فَإِنَّهُ لَا بُد من اسْم الْأَب وَالْجد وَلذَلِك تلفظ بهما القَاضِي فِي الفتاوي وَحذف ابْن الرّفْعَة اسْم الْجد اختصارا لِأَنَّهُ مَعْرُوف فِي مَكَانَهُ
وَقد رَأَيْت الْمَسْأَلَة فِي فتاوي القَاضِي وَقد قَالَ جَامعهَا الْبَغَوِيّ عَقبهَا قلت عِنْدِي لَا يجوز لَهما أَن يشهدَا بِالْمَالِ بِشَهَادَة الشُّهُود أَنه فلَان بن فلَان حَتَّى يعلماه يَقِينا وَلَا يتَيَقَّن بقول الشُّهُود فَإِن عرفا يَقِينا أَنه الْمقر لَهُ وَوَقع الِاخْتِلَاف فِي النّسَب حِينَئِذٍ يثبت النّسَب بقول الشُّهُود
انْتهى
وَابْن الرّفْعَة حذف كَلَام الْبَغَوِيّ هَذَا فَلم يذكرهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ من الْبَغَوِيّ دَلِيل على أَنه فهم أَن الْمَسْأَلَة فِي أَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ بِالْمَالِ لشخصه بعد قيام الْبَيِّنَة بِأَنَّهُ هُوَ فلَان ابْن فلَان فالعجب من ابْن الرّفْعَة فِي حذفه كَلَام الْبَغَوِيّ وَهُوَ ذكر الْمَسْأَلَة فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute