ثمَّ نظر بعد ذَلِك فِي كتب القَاضِي أبي بكر ابْن الطّيب وَهُوَ مَعَ ذَلِك يحضر مجْلِس الْأُسْتَاذ أبي عَليّ إِلَى أَن اخْتَارَهُ لكريمته فَزَوجهَا مِنْهُ
وَبعد وَفَاة الْأُسْتَاذ عَاشر أَبَا عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ إِلَى أَن صَار أستاذ خُرَاسَان وَأخذ فِي التصنيف فصنف التَّفْسِير الْكَبِير قبل الْعشْر وَأَرْبَعمِائَة ورتب الْمجَالِس وَخرج إِلَى الْحَج فِي رفْقَة فِيهَا أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالشَّيْخ أَحْمد الْبَيْهَقِيّ وَجَمَاعَة من الْمَشَاهِير فَسمع مَعَهم الحَدِيث بِبَغْدَاد والحجاز من مَشَايِخ عصره
وَكَانَ فِي علم الفروسية وَاسْتِعْمَال السِّلَاح وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من أَفْرَاد الْعَصْر وَله فِي ذَلِك الْفَنّ دقائق وعلوم انْفَرد بهَا
أجمع أهل الْعَصْر على أَنه عديم النظير فِيهَا غير مشارك فِي أساليب الْكَلَام على الْمسَائِل وتطييب الْقُلُوب والإشارات اللطيفة المستنبطة من الْآيَات وَالْأَخْبَار من كَلَام الْمَشَايِخ والرموز الدقيقة وتصانيفه فِيهَا الْمَشْهُورَة إِلَى غير ذَلِك من نظم الْأَشْعَار اللطيفة على لِسَان الطَّرِيقَة
وَلَقَد عقد لنَفسِهِ مجْلِس الْإِمْلَاء فِي الحَدِيث سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ يملي إِلَى سنة خمس وَسِتِّينَ يُذنب أَمَالِيهِ بأبياته وَرُبمَا كَانَ يتَكَلَّم على الحَدِيث بإشاراته ولطائفه
وَله فِي الْكِتَابَة طَريقَة أنيقة رشيقة تبري على النّظم
وَلَقَد قَرَأت فصلا ذكره عَليّ بن الْحسن فِي دمية الْقصر وَهُوَ أَن قَالَ