يَوْمًا وَيَقُول مَا رَأَيْت عَاشِقًا للْعلم أَي نوع كَانَ مثل هَذَا الإِمَام فَإِنَّهُ يطْلب الْعلم للْعلم وَكَانَ كَذَلِك
وَمن حميد سيرته أَنه مَا كَانَ يستصغر أحدا حَتَّى يسمع كَلَامه شاديا كَانَ أَو متناهيا فَإِن أصَاب كياسة فِي طبع أَو جَريا على منهاج الْحَقِيقَة اسْتَفَادَ مِنْهُ صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا وَلَا يستنكف عَن أَن يعزى الْفَائِدَة المستفادة إِلَى قَائِلهَا وَيَقُول إِن هَذِه الْفَائِدَة مِمَّا استفدته من فلَان وَلَا يحابي أحدا فِي التزييف إِذا لم يرض كلَاما وَلَو كَانَ أَبَاهُ أَو أحدا من الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين
وَكَانَ من التَّوَاضُع لكل أحد بِمحل يتخيل مِنْهُ الِاسْتِهْزَاء لمبالغته فِيهِ وَمن رقة الْقلب بِحَيْثُ يبكي إِذا سمع بَيْتا أَو تفكر فِي نَفسه سَاعَة
وَإِذا شرع فِي حِكَايَة الْأَحْوَال وخاض فِي عُلُوم الصُّوفِيَّة فِي فُصُول مجالسه بالغدوات أبكى الْحَاضِرين ببكائه وقطر الدِّمَاء من الجفون بزعقاته ونعراته وإشاراته لاحتراقه فِي نَفسه وتحققه بِمَا يجْرِي من دقائق الْأَسْرَار
هَذِه الْجُمْلَة نبذ مِمَّا عهدناه مِنْهُ إِلَى انْتِهَاء أَجله فأدركه قَضَاء الله الَّذِي لَا بُد مِنْهُ بعد مَا مرض قبل ذَلِك مرض اليرقان وَبَقِي بِهِ أَيَّامًا ثمَّ برأَ مِنْهُ وَعَاد إِلَى الدَّرْس والمجلس وَأظْهر النَّاس من الْخَواص والعوام السرُور بِصِحَّتِهِ وإقباله من علته فَبعد ذَلِك بِعَهْد قريب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute