للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِحْدَاهمَا أَن الله عز وَجل عَالم بِكُل شَيْء الجزئيات والكليات لَا تخفى عَلَيْهِ خافية

وَالثَّانيَِة أَن الله تَعَالَى يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فَيعلم الْأَشْيَاء المجملة الَّتِي لَا يتَمَيَّز بَعْضهَا عَن بعض مفصلة وَهَذَا خلاف مَذْهَب ابْن سينا حَيْثُ زعم أَنه تَعَالَى لَا يعلم الجزئيات الشخصية إِلَّا على الْوَجْه الْكُلِّي وَذَلِكَ كفر صراح

وَالثَّالِثَة أَن المعلومات الْجُزْئِيَّة المتميزة المفصلة لَا يُمكن أَن تكون غير متناهية تَشْبِيها للوجود الذهْنِي بالوجود الْخَارِجِي وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بقوله فَإِن مَا يحِيل دُخُول مَا لَا يتناهى فِي الْوُجُود يحِيل وُقُوع تقديرات غير متناهية فِي الْعلم

وَالرَّابِعَة أَن الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة الَّتِي فِيهَا الْكَلَام متناهية بخواصها أَي بحقائقها متميز بَعْضهَا عَن بعض

وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه بنى كَلَامه على الْقَوَاعِد الْمَذْكُورَة لِأَنَّهُ لَو لم يكن الرب عز وَجل عَالما بِكُل شَيْء لم يجب أَن يعلم الْأَجْنَاس وَلِأَنَّهُ لَو لم يعلم الْأَجْنَاس أَي الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ لم يجب إِذا كَانَت غير متناهية أَن يعلمهَا غير متناهية وَلَا إِذا كَانَت متميزة بَعْضهَا عَن بعض أَن يعلمهَا مفصلة وَلِأَنَّهُ لَو لم تكن الْأَجْنَاس الَّتِي فِيهَا الْكَلَام متباينة بحقائقها لم يجب أَن يعلمهَا على التَّفْصِيل فَظهر أَن قَوْله لَو كَانَت غير منحصرة تعلق الْعلم بِمَا لَا يتناهى على التَّفْصِيل وَهُوَ الْمُلَازمَة مَبْنِيّ على هَذِه الْقَوَاعِد الثَّلَاث وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الْجَواب عَن الِاعْتِرَاض إِن معنى تعلق الْعلم بالجواهر الَّتِي لَا تتناهى هُوَ استرساله عَلَيْهَا مَبْنِيّ على أَنه يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فَإِن مَا لَا يتناهى لَا يتَمَيَّز بعضه عَن بعض

وَأما قَوْله إِن تعلق الْعلم على التَّفْصِيل بِمَا لَا يتناهى محَال وَهُوَ انْتِفَاء التَّالِي فَهُوَ مَبْنِيّ على وجوب تعلق الْعلم بالشَّيْء على مَا هُوَ عَلَيْهِ وعَلى أَن كل متميز بعضه عَن بعض متناه فَإِنَّهُ لَو لم يجب أَن يعلم الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ لوَجَبَ أَن يكون المتميز بعضه عَن بعض غير متناه وَلم يَصح قَوْله وَتعلق الْعلم على التَّفْصِيل بِمَا لَا يتناهى محَال وَالله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>