بالتفصيل تَعَالَى وتقدس وَإِن لم تصفوه بِكَوْنِهِ عَالما بِالْجُمْلَةِ فقد أثبتم للْعَبد مَعْلُوما وحكمتم بِأَنَّهُ لَا يثبت مَعْلُوما للرب تَعَالَى سُبْحَانَهُ وَهَذَا مستنكر فِي الدّين مستعظم فِي إِجْمَاع الْمُسلمين إِذْ الْأمة مجمعة على أَن الرب عَالم بِكُل مَعْلُوم لنا
فَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن نقُول لَا سَبِيل إِلَى وصف الرب تَعَالَى بِكَوْنِهِ عَالما بالمعلومات على الْجُمْلَة فَإِن ذَلِك مُتَضَمّن جهلا بالتفصيل والرب تَعَالَى يتقدس عَنهُ عَالم بتفاصيل المعلومات وَهِي مُمَيزَة مُنْفَصِلَة الْبَعْض عَن الْبَعْض فِي قَضِيَّة علمه وَالْعلم بالتفصيل يُنَاقض الْعلم على الْجُمْلَة فَلم يبْق إِلَّا مَا استبعده الشَّامِل من تصور مَعْلُوم فِي حق الْمَخْلُوق وَلَا يتَصَوَّر مثله فِي قَضِيَّة علم الله تَعَالَى وَهَذَا مَا لَا استنكار فِيهِ وَلَيْسَ بيد الْخصم إِلَّا التشنيع الْمُجَرّد
انْتهى
وَفِيه تَصْرِيح بِأَن الرب يعلم مَا لَا يتناهى مفصلا ثمَّ صرح بِأَن الْعلم بِالْجُمْلَةِ يُخَالف الْعلم بالتفصيل وأنهما غير متضادين
قَالَ وَلَكِن لما افْتقر الْعلم بِالْجُمْلَةِ إِلَى ثُبُوت جهل بالتفصيل أَو شكّ أَو غَيرهمَا من أضداد الْعُلُوم فيؤول إِلَى المضادة
ثمَّ نقل آخرا عَن الشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ أَن الرب تَعَالَى عَالم بِالْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيل
ثمَّ قَالَ وَهَذَا مِمَّا أستخير الله فِيهِ وَصرح فِي هَذَا الْفَصْل فِي غير مَوضِع بِأَن الرب تَعَالَى يعلم مَا لَا يتناهى مفصلا
وَاسْتدلَّ أَيْضا الْمَازرِيّ على فَسَاد مَا ذهب إِلَيْهِ الإِمَام من أَن الْعلم التفصيلي لَا يتَعَلَّق بِمَا لَا يتناهى بِأَن مَا استرسل إِلَيْهِ علم الله تَعَالَى إِمَّا أَن يخرج مِنْهُ إِلَى الْوُجُود أَو لَا فَإِن لم يخرج مِنْهُ شَيْء منعنَا نعيم أهل الْجنَّة الثَّابِت بِالشَّرْعِ وَإِن خرج مِنْهُ فردان أَو ثَلَاثَة فَإِن لم يعلمهَا الرب سُبْحَانَهُ على سَبِيل التَّفْصِيل يلْزم أَن يكون جَاهِلا بِكُل شَيْء وَإِن علمهَا على التَّفْصِيل بِعلم حَادث فَهَذَا مَذْهَب الْجَهْمِية الْقَائِلين بِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلم المعلومات بعلوم محدثة وَهُوَ بَاطِل فَلم يبْق إِلَّا أَن يعلمهَا بِعِلْمِهِ الْقَدِيم الْوَاحِد على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute