ترك الْقبْلَة فِي النَّافِلَة فِي السّفر وَشدَّة الْحَرْب وَأَن ذَلِك لَا يجوز فِي الْوَقْت دَلِيل على أَنَّهُمَا لَا يستويان فِي الْعلَّة لِأَنَّهُمَا لَو اسْتَويَا فِي الْعلَّة لاستويا فِي النظير وَإِذ لم يستويا فِي الْعلَّة لم يَصح الْقيَاس
وقولك لم إِذا كَانَ أَحدهمَا أخف وَالْآخر آكِد لم يجز قِيَاس أَحدهمَا على الآخر لِأَنَّهُ إِذا كَانَ أَحدهمَا آكِد وَالْآخر أخف دلّ على أَن أَحدهمَا لَيْسَ بنظير للْآخر وَلَا يجوز قِيَاس الشَّيْء على غير نَظِيره
وقولك إِنَّا نقيس النَّفْل على الْفَرْض وَأَحَدهمَا آكِد ونقيس الْعِبَادَات بَعْضهَا على بعض والحقوق بَعْضهَا على بعض مَعَ اختلافها غير صَحِيح لِأَنَّهُ إِذا اتّفق فِيهَا مثل مَا اتّفق هَاهُنَا فَأَنا أمنع من الْقيَاس وَإِنَّمَا نجيز الْقيَاس فِي الْجُمْلَة فَإِذا بلغ الْأَمر إِلَى التَّفْصِيل وَقيس الشَّيْء على غير نَظِيره لم أجوز ذَلِك وَهَذَا كَمَا نقُول إِن الْقيَاس فِي الْجُمْلَة جَائِز ثمَّ إِذا اتّفق مِنْهُ مَا خَالف النَّص لم يجز وَلَا نقُول إِن الْقيَاس فِي الْجُمْلَة جَائِز فَوَجَبَ أَن يجوز مَا اتّفق مِنْهُ مُخَالفا للنَّص
وقولك إِنَّه يَكْفِي أَن يستويا فِي عِلّة الحكم وَلَا يضر افتراقهما بعد ذَلِك لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي أَن يستويا فِي عِلّة الحكم غير أَنِّي لَا أسلم أَنَّهُمَا اسْتَويَا فِي عِلّة الحكم لِأَن افتراقهما فِيمَا ذكرت يدل على أَنَّهُمَا لم يستويا فِي عِلّة الحكم