للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعَه وَهَا هُنَا ترك للاشتباه وَلَيْسَ التّرْك للعجز كالترك للاشتباه أَلا ترى أَن الْمُسْتَحَاضَة وَمن بِهِ سَلس الْبَوْل يصليان مَعَ قيام الْحَدث وَلَو ظن أَنه متطهر وَصلى لم يسْقط الْفَرْض

وَأما قَوْلك إِن ترك الْوَقْت فِي الْجمع لحق النّسك على وَجه الْعِبَادَة فَلَا يَصح لِأَنَّهُ لَو كَانَ لهَذَا الْمَعْنى لوَجَبَ إِذا أخر الْعَصْر إِلَى وَقتهَا أَلا يَصح لِأَنَّهُ فعل الْعِبَادَة على غير وَجههَا فَدلَّ على أَنه على وَجه التَّخْفِيف لحق الْعذر

وَجَوَاب آخر من حَيْثُ الْفِقْه أَنا فرقنا بَين الْوَقْت والقبلة لِأَن الْحَاجة تَدْعُو إِلَى ترك الْقبْلَة فِي النَّافِلَة لعذر السّفر لأَنا لَو قُلْنَا إِنَّه لَا يجوز ترك الْقبْلَة أدّى إِلَى تحمل الْمَشَقَّة إِن صلاهَا أَو تَركهَا وَلَا مشقة فِي ترك الْوَقْت لِأَن السّنَن الرَّاتِبَة مَعَ الْفَرَائِض تَابِعَة للفرائض فيصليها فِي أَوْقَاتهَا وَكَذَلِكَ فِي شدَّة الْحَرْب الْحَاجة دَاعِيَة إِلَى ترك الْقبْلَة فَإنَّا لَو ألزمناهم اسْتِقْبَال الْقبْلَة أدّى إِلَى هزيمتهم أَو قَتلهمْ وَلَا حَاجَة بهم إِلَى ترك الْوَقْت فَإِنَّهُ يُصليهَا فِي وَقتهَا وَهُوَ يُقَاتل

فَقلت لَهُ أما قَوْلك إِنَّه كَانَ يجب أَن تطالبني بتصحيح الْعلَّة وتصرح وَلَا تكني فَلَا يَصح لِأَنِّي بِالْخِيَارِ بَين أَن أطالبك بتصحيح الْعلَّة وَبَين أَن أذكر مَا يدل على فَسَادهَا كَمَا أَن القائس بِالْخِيَارِ بَين أَن يذكر عِلّة الْمَسْأَلَة وَبَين أَن يذكر مَا يدل على الْعلَّة والجميع جَائِز فَكَذَلِك هَا هُنَا

وَأما قَوْلك إِن الْجمع لَو كَانَ لِلْعِبَادَةِ لما جَازَ التَّأْخِير لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يجوز التَّأْخِير لِأَنَّهُ يَفْعَلهَا فِي وَقتهَا وتقديمها أفضل لِأَنَّهُ وَقت لَهَا على سَبِيل الْقرْبَة والفضيلة

وَأما قَوْلك إِن ترك الْقبْلَة فِي النَّافِلَة وَالْحَرب للعجز أَو الْمَشَقَّة فَلَا يَصح لِأَنَّهُ كَانَ يجب لهَذَا الْعَجز أَن يتْرك الْوَقْت فتؤخر الصَّلَاة فِي شدَّة الْخَوْف ليؤديها على حَال الْكَمَال ويتوفر على الْقِتَال وَلما لم يجز ترك الْوَقْت وَجَاز ترك الْقبْلَة دلّ على أَن فرض الْقبْلَة أخف من فرض الْوَقْت فَجَاز أَن يكون الِاشْتِبَاه عذرا فِي سُقُوط فرض الْقبْلَة وَلَا يكون عذرا فِي ترك الْوَقْت وَهَذَا آخرهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>