فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذِي الْحجَّة لم تصل الْجُمُعَة بِجَامِع الْخَلِيفَة وخطب بِسَائِر الْجَوَامِع للمستنصر وَقطعت الْخطْبَة العباسية بالعراق ثمَّ حمل الْقَائِم بِأَمْر الله إِلَى حَدِيثَة عانة فاعتقل بهَا وَسلم إِلَى صَاحبهَا مهارش وَذَلِكَ لِأَن البساسيري وقريش بن بدران اخْتلفَا فِي أمره ثمَّ وَقع اتِّفَاقهمَا على أَن يكون عِنْد مهارش إِلَى أَن يتَّفقَا على مَا يفْعَلَانِ بِهِ
ثمَّ جمع البساسيري الْقُضَاة والأشراف وَأخذ عَلَيْهِم الْبيعَة للمستنصر صَاحب مصر فَبَايعُوا قهرا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَكَانَ ذَلِك بِسوء تَدْبِير حَاشِيَة الْخَلِيفَة الْقَائِم واستعجالهم على الْحَرْب وَلَو طاولوا حَتَّى ينجدهم طغرلبك لما تمّ ذَلِك على مَا قيل
وَذكر أَن رَئِيس الرؤساء كَانَ لَا يدْرِي الْحَرْب وَكَانَ الْأَمر بِيَدِهِ فَلم يحسن التَّدْبِير ثمَّ لما انْهَزمُوا لم يشْتَغل بِنَفسِهِ بل بالخليفة فَإِنَّهُ صَاح يَا علم الدّين يَعْنِي قُريْشًا أَمِير الْمُؤمنِينَ يستدنيك فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ قد أنالك الله منزلَة لم ينلها أمثالك أَمِير الْمُؤمنِينَ يستذم مِنْك على نَفسه وَأَصْحَابه بذمام الله وذمام رَسُوله وذمام الْعَرَب فَقَالَ قد أَذمّ الله تَعَالَى لَهُ
قَالَ ولي وَلمن مَعَه قَالَ نعم وخلع قلنسوته فَأَعْطَاهَا للخليفة وَأعْطى رَئِيس الرؤساء مخصرة ذماما فَنزل إِلَيْهِ الْخَلِيفَة وَرَئِيس الرؤساء فسارا مَعَه فَأرْسل إِلَيْهِ البساسيري أتخالف مَا اسْتَقر بَيْننَا وَاخْتلفَا ثمَّ اتفقَا على أَن يسلم إِلَيْهِ رَئِيس الرؤساء وَيتْرك الْخَلِيفَة عِنْده
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute