فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان وَيحك مَتى جَاءَ بَادر بإعلامي وَلَا تسمعن من أحد يمنعك الْوُصُول إِلَيّ وَلَو كَانَ فِي اللَّيْل وَتقدم إِلَى الحجبة بِأَن أحدا لَا يمنعهُ
فَذهب الرجل فَمَا كَانَ غير لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث حَتَّى هجم عَلَيْهِ ذَلِك الشَّاب فَأخْرجهُ واختلى بأَهْله فَذهب باكيا إِلَى دَار الْملك فَقيل لَهُ إِن الْملك نَائِم فَقَالَ قد تقدم إِلَيْكُم بِمَا علمْتُم فأنبهوه فَاسْتَيْقَظَ وَخرج مَعَه بِنَفسِهِ وَحده وَجَاء إِلَى منزله فَنظر إِلَى الْغُلَام وهونائم مَعَ الْمَرْأَة فِي فرَاش الرجل وَعِنْدَهُمَا شمعة تقد فَتقدم السُّلْطَان فأطفأ الضؤ ثمَّ جَاءَ فاحتز رَأس الْغُلَام ثمَّ قَالَ للرجل وَيحك أدركني بِشَربَة مَاء فَسَقَاهُ ثمَّ انْطلق ليذْهب فَقَالَ لَهُ الرجل سَأَلتك بِاللَّه لم أطفأت الشمعة فَقَالَ وَيحك إِنَّه ابْن أُخْتِي كرهت أَن أشاهده حَالَة الذّبْح
فَقَالَ وَلم طلبت المَاء سَرِيعا فَقَالَ إِنِّي آلَيْت مُنْذُ أَخْبَرتنِي أَلا أطْعم طَعَاما وَلَا أشْرب شرابًا حَتَّى أقوم بحقك وَكنت عطشان هَذِه الْأَيَّام حَتَّى كَانَ مَا رَأَيْت
قلت وَفِي هَذِه الْوَاقِعَة من هَذَا السُّلْطَان مَا يدل على حسن نِيَّته وتحريه الْعدْل غير أَنَّهَا ممزوج عدلها بِالْجَهْلِ بالشريعة فَلم يكن لَهُ لَو ثَبت عِنْده أَنه زنى بعد الْإِحْصَان أَن يتَعَدَّى الرَّجْم إِلَى حز الرَّقَبَة ثمَّ لَيْسَ فِي الْحِكَايَة مَا يَقْتَضِي ثُبُوت الزِّنَا عِنْده فَإِنَّهُ لم يُشَاهِدهُ يَزْنِي وَلَو فرضت مشاهدته إِيَّاه زَانيا وَأَنه علم زِنَاهُ وتحققه بالقرائن فَهِيَ مَسْأَلَة الْقَضَاء فِي الْحُدُود بِالْعلمِ
وَمن هَذَا وأشباهه يعرف سر الشَّرِيعَة فِي اشْتِرَاط كَون السُّلْطَان مُجْتَهدا لِأَن غير الْعَالم إِذا تحرى الْعدْل لَا يَتَأَتَّى لَهُ إِلَّا بصعوبة شَدِيدَة بِخِلَاف الْعَالم فَإِنَّهُ يعرف مَا يَأْتِي وَمَا يذر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute