وَعَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد الإِمَام النسوي رَأَيْت لَيْلَة فِي الْمَنَام كَأَنِّي أَمْشِي فِي الصَّحرَاء فانتهيت إِلَى مَوضِع يتشعب مِنْهُ طرق مُخْتَلفَة فَإِذا أَنا بِالْإِمَامِ أبي المظفر بن السَّمْعَانِيّ وَهُوَ وَاقِف على رَأس الطّرق كالمتحير يلْتَفت يمنة ويسرة فَسمِعت صائحا يَصِيح يَا أَبَا المظفر أقبل إِلَيّ فَإِن الجادة هَذِه فَمضى الإِمَام أَبُو المظفر على يَمِينه نَحْو الصَّوْت وتبعته وَهُوَ يترنم بِبَيْت من الشّعْر
(الطّرق شَتَّى طَرِيق الْحق مُنْفَرد ... والسالكون سَبِيل الْحق أَفْرَاد)
فانتهيت إِلَى مَوضِع نزه فَإِذا نَحن بشاب حسن الْوَجْه طيب الرَّائِحَة وَاقِف على بُسْتَان فِيهِ أَشجَار وأنهار مَا رَأَيْت أحسن مِنْهُ وَإِذا حوالي الْبُسْتَان قُصُور فِي نِهَايَة الْحسن فَدخل الإِمَام أَبُو المظفر الْبُسْتَان واستقبله جوَار وغلمان وأظهروا السرُور بقدومه فَسَأَلت بعض من يليني من هَذَا الْوَاقِف على الْبَاب فَقَالَ رضوَان خَازِن الْجنَّة وَهَذِه الْقُصُور والبساتين لأبي المظفر بن السَّمْعَانِيّ
فانتبهت فَبعد ذَلِك بأيام بلغنَا انْتِقَاله إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي
وَلما اسْتَقر انْتِقَاله إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي وانفصاله عَن الرَّأْي النعماني قَامَت الْحَرْب على سَاق واضطربت بَين الْفَرِيقَيْنِ نيران فتْنَة كَادَت تملأ مَا بَين خُرَاسَان وَالْعراق واضطرب أهل مرو لذَلِك اضطرابا وَفتح المخالفون للمشاقة أبوابا وَتعلق أهل الرَّأْي بِأَهْل الحَدِيث وَسَارُوا إِلَى بَاب السُّلْطَان السّير الحثيث وَلم يرجِعوا إِلَى ذَوي الرَّأْي وَالنَّهْي وَلَا وقفُوا عِنْد مقَالَة من أَمر وَنهى وَعدلُوا وَمَا عدلوا وحملوا حَملَة رجل وَاحِد وَعَن الصَّوَاب عدلوا وراموا إخفاء ضوء الْبَدْر وَقد برزت ضمائره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute