فاتفق أَنه بعد قِرَاءَة جملَة من الْكتاب انْقَطع ذَلِك المحتشم يَوْمًا وَخرج الشَّيْخ على الْعَادة وَكَانَ فِي أَكثر الْأَوْقَات يخرج وَيقْعد وَعَلِيهِ قَمِيص أسود خشن وعمامة صَغِيرَة وَكنت أَظن أَن وَالِدي يقْرَأ الْكتاب على ذَلِك الرئيس فشرع أبي فِي الْقِرَاءَة فَقلت يَا سَيِّدي على من تقْرَأ وَالشَّيْخ مَا يحضر
فَقَالَ وكأنك تظن أَن شيخك ذَلِك الشَّخْص
قلت نعم
فَضَاقَ صَدره واسترجع وَقَالَ يَا بني شيخك هَذَا الْقَاعِد وَعلم ذَلِك الْمَكَان ثمَّ أعَاد لي من أول الْكتاب إِلَيْهِ
قَالَ أَبُو سعد سَمِعت عبد الرَّزَّاق بن أبي نصر الطبسي يَقُول قَرَأت صَحِيح مُسلم على الفراوي سبع عشرَة نوبَة فَفِي آخر الْأَيَّام قَالَ لي إِذا أَنا مت أوصيك أَن تحضر غسْلي وَأَن تصلي أَنْت بِمن فِي الدَّار وَأَن تدخل لسَانك فِي فِي فَإنَّك قَرَأت بِهِ كثيرا حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت أملي الفراوي أَكثر من ألف مجْلِس وَانْفَرَدَ بعلو الْإِسْنَاد مَعَ الْبَصَر بِالْعلمِ والديانة المتينة
قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ وأذكر أَنا خرجنَا فِي رَمَضَان سنة ثَلَاثِينَ وحملنا محفته على رقابنا إِلَى قبر مُسلم بن الْحجَّاج بنصر أباذ لإتمام الصَّحِيح عِنْد قبر المُصَنّف فَبعد أَن فرغ القارىء من قِرَاءَة الْكتاب بَكَى ودعا وأبكى الْحَاضِرين وَقَالَ لَعَلَّ هَذَا الْكتاب لَا يقْرَأ عَليّ بعد هَذَا