جَاءَ وَالنَّاس إِلَى رد فِرْيَة الفلاسفة أحْوج من الظلماء لمصابيح السَّمَاء وأفقر من الجدباء إِلَى قطرات المَاء فَلم يزل يناضل عَن الدّين الحنيفي بجلاد مقاله ويحمى حوزه الدّين وَلَا يلطخ بِدَم الْمُعْتَدِينَ حد نصاله حَتَّى أصبح الدّين وثيق العرى وانكشفت غياهب الشُّبُهَات وَمَا كَانَت إِلَّا حَدِيثا مفترى
هَذَا مَعَ ورع طوى عَلَيْهِ ضَمِيره وخلوة لم يتَّخذ فِيهَا غير الطَّاعَة سميره وَتَجْرِيد ترَاهُ بِهِ وَقد توَحد فِي بَحر التَّوْحِيد وباهى
(ألْقى الصَّحِيفَة كي يُخَفف رَحْله ... والزاد حَتَّى نَعله أَلْقَاهَا)
ترك الدُّنْيَا وَرَاء ظَهره وَأَقْبل على الله يعامله فِي سره وجهره
ولد بطوس سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة
وَكَانَ وَالِده يغزل الصُّوف ويبيعه فِي دكانه بطوس فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة وصّى بِهِ وبأخيه أَحْمد إِلَى صديق لَهُ متصوف من أهل الْخَيْر وَقَالَ لَهُ إِن لي لتأسفا عَظِيما على تعلم الْخط وأشتهى استدارك مَا فَاتَنِي فِي وَلَدي هذَيْن فعلمهما وَلَا عَلَيْك أَن تنفذ فِي ذَلِك جَمِيع مَا أخلفه لَهما
فَلَمَّا مَاتَ أقبل الصُّوفِي على تعليمهما إِلَى أَن فنى ذَلِك النزر الْيَسِير الَّذِي كَانَ خَلفه لَهما أَبوهُمَا وَتعذر على الصُّوفِي الْقيام بقوتهما فَقَالَ لَهما اعلما أَنِّي قد أنفقت عَلَيْكُمَا مَا كَانَ لَكمَا وَأَنا رجل من الْفقر والتجريد بِحَيْثُ لَا مَال لي فأواسيكما بِهِ وَأصْلح مَا أرى لَكمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute