للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلت حشمته ودرجته فِي بَغْدَاد حَتَّى كَانَت تغلب حشمة الأكابر والأمراء وَدَار الْخلَافَة

فَانْقَلَبَ الْأَمر من وَجه آخر وَظهر عَلَيْهِ بعد مطالعة الْعُلُوم الدقيقة وممارسة الْكتب المصنفة فِيهَا وسلك طَرِيق التزهد والتأله وَترك الحشمة وَطرح مَا نَالَ من الدرجَة والاشتغال باسباب التَّقْوَى وَزَاد الْآخِرَة

فَخرج عَمَّا كَانَ فِيهِ وَقصد بَيت الله وَحج

ثمَّ دخل الشَّام وَأقَام فِي تِلْكَ الديار قَرِيبا من عشر سِنِين يطوف ويزور الْمشَاهد المعظمة

وَأخذ فِي التصانيف الْمَشْهُورَة الَّتِي لم يسْبق إِلَيْهَا مثل إحْيَاء عُلُوم الدّين والكتب المختصرة مِنْهَا مثل الْأَرْبَعين وَغَيرهَا من الرسائل الَّتِي من تأملها علم مَحل الرجل من فنون الْعلم

وَأخذ فِي مجاهدة النَّفس وتغيير الْأَخْلَاق وتحسين الشَّمَائِل وتهذيب المعاش فَانْقَلَبَ شَيْطَان الرعونة وَطلب الرياسة والجاه والتخلق بالأخلاق الذميمة إِلَى سُكُون النَّفس وكرم الْأَخْلَاق والفراغ عَن الرسوم والترتيبات والتزيى بزِي الصَّالِحين وَقصر الأمل ووقف الْأَوْقَات على هِدَايَة الْخلق ودعائهم إِلَى مَا يعنيهم من أَمر الْآخِرَة وتبغيض الدُّنْيَا والاشتغال بهَا على السالكين والاستعداد للرحيل

<<  <  ج: ص:  >  >>