وَحكى لنا فِي لَيَال كَيْفيَّة أَحْوَاله من ابْتِدَاء مَا ظهر لَهُ سلوك طَرِيق التأله
وغلبت الْحَال عَلَيْهِ بعد تبحره فِي الْعُلُوم واستطالته على الْكل بِكَلَامِهِ والاستعداد الَّذِي خصّه الله بِهِ فِي تَحْصِيل أَنْوَاع الْعُلُوم وتمكنه من الْبَحْث وَالنَّظَر حَتَّى تبرم من الِاشْتِغَال بالعلوم الْعرية عَن الْمُعَامَلَة
وتفكر فِي الْعَاقِبَة وَمَا يجدي وَمَا ينفع فِي الْآخِرَة فابتدأ بِصُحْبَة الفارمذي وَأخذ مِنْهُ استفتاح الطَّرِيقَة وامتثل ماكان يُشِير بِهِ عَلَيْهِ من الْقيام بوظائف الْعِبَادَات والإمعان فِي النَّوَافِل واستدامة الْأَذْكَار وَالْجد وَالِاجْتِهَاد طلبا للنجاة إِلَى أَن جَازَ تِلْكَ العقبات وتكلف تِلْكَ المشاق وَمَا تحصل على مَا كَانَ يَطْلُبهُ من مَقْصُوده
ثمَّ حكى أَنه رَاجع الْعُلُوم وخاض فِي الْفُنُون وعاود الْجد وَالِاجْتِهَاد فِي كتب الْعُلُوم الدقيقة والتقى بأربابهاحتى انْفَتح لَهُ أَبْوَابهَا وَبَقِي مُدَّة فِي الوقائع وتكافؤ الْأَدِلَّة وأطراف الْمسَائِل
ثمَّ حكى أَنه فتح عَلَيْهِ بَاب من الْخَوْف بِحَيْثُ شغله عَن كل شَيْء وَحمله على الْإِعْرَاض عَمَّا سواهُ حَتَّى سهل ذَلِك
وَهَكَذَا هَكَذَا إِلَى أَن ارتاض كل الرياضة وَظَهَرت لَهُ الْحَقَائِق وَصَارَ مَا كُنَّا نظن بِهِ ناموسا وتخلقا طبعا وتحققا وَأَن ذَلِك أثر السَّعَادَة الْمقدرَة لَهُ من الله تَعَالَى
ثمَّ سألناه عَن كَيْفيَّة رغبته فِي الْخُرُوج من بَيته وَالرُّجُوع إِلَى مَا دعِي إِلَيْهِ من أَمر نيسابور
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute