الْخَيْر وَتوقف عِنْد سَماع كل كلمة وَذَلِكَ مقَام لم يصل إِلَيْهِ إِلَّا الْآحَاد من الْخلق وَلَيْسَ الْمَازرِيّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هذَيْن الْإِمَامَيْنِ من هَذَا الْقَبِيل
إِذا عرفت هَذِه الْمُقدمَة فَأَقُول إِن مَا ادَّعَاهُ من أَنه عرف مذْهبه بِحَيْثُ قَامَ لَهُ مقَام العيان هُوَ كَلَام عَجِيب فَإنَّا لَا نستجير أَن نحكم على عقيدة أحد بِهَذَا الحكم فَإِن ذَلِك لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا الله وَلنْ تَنْتَهِي إِلَيْهِ القوانين وَالْأَخْبَار أبدا
وَقد وقفنا نَحن على غَالب كَلَام الْغَزالِيّ وتأملنا كتب أَصْحَابه الَّذين شاهدوه وتناقلوا أخباره وهم بِهِ أعراف من الْمَازرِيّ ثمَّ لم ننته إِلَى أَكثر من غَلَبَة الظَّن بِأَنَّهُ رجل أشعري المعتقد خَاضَ فِي كَلَام الصُّوفِيَّة
وَأما قَوْله وَذكر جملا من مَذَاهِب الْمُوَحِّدين والفلاسفة والمتصوفة وَأَصْحَاب الإشارات فَأَقُول إِن عني بالموحدين الَّذين يوحدون الله فالمسلمون أول دَاخل فيهم ثمَّ عطف الصُّوفِيَّة عَلَيْهِم يُوهم أَنهم لَيْسُوا مُسلمين وحاشا لله
وَإِن عني بِهِ أهل التَّوَكُّل على الله فهم من خير فرق الصُّوفِيَّة الَّذين هم من خير الْمُسلمين فَمَا وَجه عطف الصُّوفِيَّة عَلَيْهِم بعد ذَلِك
وَإِن أَرَادَ أهل الْوحدَة الْمُطلقَة الْمَنْسُوب كثير مِنْهُم إِلَى الْإِلْحَاد والحلول فمعاذ الله لَيْسَ الرجل فِي هَذَا الصوب وَهُوَ مُصَرح بتكفير هَذِه الفئة وَلَيْسَ فِي كِتَابه شَيْء من معتقداتهم