وَكَانَ شَيخا مُطَاعًا فِي بِلَاد الْمغرب فَأمر بإحضار كل مَا فِيهَا من نسخ الْإِحْيَاء وَطلب من السُّلْطَان أَن يلْزم النَّاس بذلك فَكتب إِلَى النواحي وشدد فِي ذَلِك وتوعد من أخْفى شَيْئا مِنْهُ فأحضر النَّاس مَا عِنْدهم وَاجْتمعَ الْفُقَهَاء ونظروا فِيهِ ثمَّ أجمعوا على إحراقه يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْخَمِيس
فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الْجُمُعَة رأى أَبُو الْحسن المذعور فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ دخل من بَاب الْجَامِع الَّذِي عَادَته يدْخل مِنْهُ فَرَأى فِي ركن الْمَسْجِد نورا وَإِذا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا جُلُوس وَالْإِمَام أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ قَائِم وَبِيَدِهِ الْإِحْيَاء فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا خصمي
ثمَّ جثا على رُكْبَتَيْهِ وزحف عَلَيْهِمَا إِلَى أَن وصل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَاوَلَهُ كتاب الْإِحْيَاء وَقَالَ يَا رَسُول الله انْظُر فِيهِ فَإِن كَانَ بِدعَة مُخَالفا لسنتك كَمَا زعم تبت إِلَى الله تَعَالَى وَإِن كَانَ شَيْئا تستحسنه حصل لي من بركتك فأنصفني من خصمي
فَنظر فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورقة ورقة إِلَى آخِره ثمَّ قَالَ وَالله إِن هَذَا شَيْء حسن
ثمَّ نَاوَلَهُ أَبَا بكر فَنظر فِيهِ كَذَلِك ثمَّ قَالَ نعم وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ يَا رَسُول الله إِنَّه لحسن