للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ يسري أَثَره إِلَى الرّوح وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُسَلط على الْكَافِر فِي قَبره تنين لَهُ تِسْعَة وَتسْعُونَ رَأْسا صفته كَذَا وَكَذَا) الحَدِيث

وَيكثر مثل هَذَا التنين فِي خلقَة الْآدَمِيّ وَلَا يقمعه إِلَّا الْفَرَائِض الْمَكْتُوبَة فَهِيَ المنجيات عَن المهلكات وَهِي أَنْوَاع كَثِيرَة بِعَدَد الْأَخْلَاق المذمومة {وَمَا يعلم جنود رَبك إِلَّا هُوَ}

فَإِذن فِي التَّكْلِيف غرضان أدْرك هَذَا الْمَغْرُور أَحدهمَا وغفل عَن الآخر

وَقد وَقع لأبي حنيفَة مثل هَذَا الظَّن فِي الفقهيات فَقَالَ أوجب الله فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاة وَقصد بِهِ إِزَالَة الْفقر وَالشَّاة آلَة فِي الْإِزَالَة فَإِذا حصل بِمَال آخر فقد حصل تَمام الْمَقْصُود

فَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ صدقت فِي قَوْلك إِن هَذَا مَقْصُود وَركبت متن الْخطر فِي حكمك بِأَنَّهُ لَا مَقْصُود سواهُ فَبِمَ تأمن أَن يُقَال لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كَانَ لنا سر فِي إشراك الْغَنِيّ الْفَقِير مَعَ نَفسه فِي جنس مَاله كَمَا كَانَ فِي رمي سَبْعَة أَحْجَار فِي الْحَج لَو رمى بدله خَمْسَة لآل أَو خمس سَكَرَات لم يقبله

وَإِذا جَازَ أَن يتمحض التَّقْيِيد فِي الْحَج وَأَن يتمحض الْمَعْنى الْمَعْقُول فِي معاملات الْخلق فَلم يَسْتَحِيل أَن يجمع الْمَعْقُول وَالتَّقْيِيد جَمِيعًا فِي الزَّكَاة فَتكون إِزَالَة الْفقر معقولة والسر الآخر غير مَعْقُول

وَزَاد أَبُو حنيفَة على هَذَا فَقَالَ الْمَقْصُود من كلمة التَّكْبِير الثَّنَاء على الله تَعَالَى بالكبرياء فَلَا فرق بَينه وَبَين تَرْجَمته بِكُل لِسَان وَبَين قَوْله الله أعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>