وَأما المأمورات فكالزكاة وَالصَّوْم وَالصَّلَاة فَكيف تحجبه الزَّكَاة وَلَو أنْفق جَمِيع مَاله فقد دفع الشواغل عَن نَفسه وَلَو صَامَ جَمِيع دهره فَهَل يفوتهُ بذلك إِلَّا سلطنة الشَّهْوَة فَمَا الَّذِي يفوت من الْكَمَال بترك الْأكل صخوة النَّهَار فِي شهر وَاحِد هُوَ رَمَضَان وَأما الصَّلَاة فتنقسم إِلَى أَفعَال وأذكار وأفعاله قيام وركوع وَسُجُود وَلَا شكّ فِي أَنه لَا يخرج من الْقرْبَة بالأفعال الْمُعْتَادَة فَإِنَّهُ إِن لم يصل فسيكون إِمَّا قَائِما أَو قَاعِدا أَو مُضْطَجعا وَغير الْمُعْتَاد هُوَ السُّجُود وَالرُّكُوع وَكَيف يحجب عَن الْقرْبَة مَا هُوَ سَبَب الْقرْبَة قَالَ الله تَعَالَى لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {واسجد واقترب}
وَمن عشق ملكا ذَا جمال فَإِذا وضع خَدّه على التُّرَاب بَين يَدَيْهِ استكانة لَهُ وجد فِي قلبه مزِيد روح وراحة وَقرب وَلذَلِك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة)
فاستدامه حَال الْقرْبَة واستزادتها فِي السُّجُود وأيسر مِنْهُ فِي الِاضْطِجَاع وَالْقعُود وَمهما ألقِي فِي قلبه أَن السُّجُود سَبَب حرمانه عَن الْقرب كَانَ ذَلِك أنموذجا من حَال إِبْلِيس حَيْثُ ألقِي فِي نَفسه أَن السُّجُود بِحكم الْأَمر سَبَب زَوَال قربته وكماله فَكل ولي سقط من دَرَجَة الْقرْبَة إِلَى دَرَجَة اللَّعْنَة فسببه ترك السُّجُود ومقتداه وإمامه إِبْلِيس وكل ولي أسعد بالترقي إِلَى دَرَجَات الْقرب قيل لَهُ اسجد واقترب ومقتداه وإمامه الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم