كَانَ فَقِيها فَاضلا شَاعِرًا مفلقا رَقِيق الشّعْر وَكَانَ يمِيل إِلَى الصُّوفِيَّة ويحفظ من كَلَامهم وإشاراتهم مَا لَا يدْخل تَحت الْوَصْف صنف فِي فنون من الْعلم وَكَانَ حسن الْكَلَام وَالْجمع فِيهَا
قَالَ وَكَانَ النَّاس يعتقدونه ويتبركون بِهِ وَظهر لَهُ الْقبُول التَّام عِنْد الْخَاص وَالْعَام حَتَّى حسد وأصابته عين الْكَمَال وَكَانَ الْعَزِيز يعْتَقد فِيهِ اعتقادا خَارِجا عَن الْحَد وَلَا يُخَالِفهُ فِيمَا يُشِير بِهِ وَكَانَت بَينه وَبَين أبي الْقَاسِم الْوَزير مُنَافَسَة فَلَمَّا نكب الْعَزِيز قَصده الْوَزير وَكتب عَلَيْهِ محضرا والتقط من أثْنَاء تصانيفه ألفاظا شنيعة تنبو عَن الأسماع وَيحْتَاج من كشفها إِلَى الْمُرَاجَعَة لقائلها فَكتب جمَاعَة من الْعلمَاء خطوطهم بِإِبَاحَة دَمه نسْأَل الله الْحِفْظ فِي إِطْلَاق الْقَلَم بِمَا يتَعَلَّق بالدماء من غير بحث والمسارعة إِلَى الْفَتْوَى بِالْقَتْلِ فَقبض عَلَيْهِ أَبُو الْقَاسِم وَحمل إِلَى بَغْدَاد مُقَيّدا وَرَأَيْت رسَالَته الَّتِي كتبهَا من بَغْدَاد إِلَى أَصْحَابه وإخوانه بهمذان الَّتِي لَو قُرِئت على الصخور لانصدعت من الرقة والسلاسة فَرد إِلَى همذان وصلب
قلت ثمَّ ذكر ابْن السَّمْعَانِيّ قِطْعَة صَالِحَة من رسَالَته أعجبني مِنْهَا هَذَا الْبَيْت
(أسجنا وقيدا واشتياقا وغربة ... ونأى حبيب إِن ذَا لعَظيم)
ثمَّ قَالَ صلب عين الْقُضَاة أَبُو الْمَعَالِي ظلما ببلدة همذان لَيْلَة الْأَرْبَعَاء السَّابِع من جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَعشْرين وَخَمْسمِائة
قَالَ وَسمعت أَبَا الْقَاسِم مَحْمُود بن أَحْمد الرَّوْيَانِيّ بأندرابه يَقُول لما قرب قتل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute