للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِمَام الأدباء وقائد لِوَاء أهل الترسل وَصَاحب صناعَة الْإِنْشَاء أجمع أهل الْأَدَب على أَن الله تَعَالَى لم يخلق فِي صناعَة الترسل من بعده مثله وَلَا من قبله بِأَكْثَرَ من مِائَتي عَام وَرُبمَا زادوا وَهُوَ بَينهم كالشافعي وَأبي حنيفَة بَين الْفُقَهَاء بل هم لَهُ أخضع لِأَن أَصْحَاب الْإِمَامَيْنِ قد يتنازعون فِي الأرجحية فَكل يدعى أرجحية إِمَامه وَأما هَذَا فَلَا تنَازع بَين أهل صناعته فِيهِ

وَكَانَ صديق السُّلْطَان صَلَاح الدّين وعضده ووزيره وَصَاحب ديوَان إنشائه ومشيره وخليطه وسميره

ولد فِي نصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة

وَسمع الحَدِيث من الْحَافِظ أبي الْقَاسِم بن عَسَاكِر وَأبي طَاهِر السلَفِي وَأبي مُحَمَّد العثماني وَأبي الطَّاهِر بن عَوْف وَغَيرهم

وَكَانَ ذَا دين وتقوى وتقشف مَعَ الرياسة التَّامَّة والإغضاء والصفح والحلم وَالْعَفو والستر صَاحب أوراد من صَلَاة وَصِيَام وَغَيرهمَا مَعَ التَّمَكُّن الزَّائِد فِي الدولة وَذكر الْعِمَاد الْكَاتِب أَنه كَانَ يخْتم كل يَوْم الْقُرْآن الْمجِيد ويضيف إِلَيْهِ مَا شَاءَ الله وبلغنا أَن كتبه الَّتِي ملكهَا مائَة ألف مُجَلد وَكَانَ كثير الْبر وَالصَّدَََقَة مقتصدا فِي ملبسه وَطَعَامه كثير التشييع للجنائز وعيادة المرضى لَهُ تهجد فِي اللَّيْل لَا يخل بِهِ وَعَادَة فِي زِيَارَة الْقُبُور لَا يقطعهَا مَعَ كَونه أحدب ضَعِيف البنية كثير الِاشْتِغَال وَكتب من الْإِنْشَاء الْفَائِق الرَّائِق الَّذِي خضعت لَهُ الرّقاب مَا يَرْبُو على مائَة مُجَلد

قيل وَكَانَ يدْخل لَهُ فِي السّنة نَحْو خمسين ألف مِثْقَال من الذَّهَب غير مَا يدْخل لَهُ من فَوَائِد المتجر وَكَانَت متاجره فِي الْهِنْد والغرب وَمَا بَين ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>