وَكَانَ قد تفقه فِي حداثته بِدِمَشْق على الْفَقِيه أبي الْحسن السّلمِيّ وَلما دخل بَغْدَاد لزم بهَا التفقه وَسَمَاع الدُّرُوس بِالْمَدْرَسَةِ النظامية وَقَرَأَ الْخلاف والنحو وَلم يزل طول عمره مواظبا على صَلَاة الْجَمَاعَة ملازما لقِرَاءَة الْقُرْآن مكثرا من النَّوَافِل والأذكار وَالتَّسْبِيح آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار وَله فِي الْعشْر من شهر رَمَضَان فِي كل يَوْم ختمة غير مَا يَقْرَؤُهُ فِي الصَّلَوَات وَكَانَ يخْتم كل جُمُعَة وَلم ير إِلَّا فِي اشْتِغَال يُحَاسب نَفسه على سَاعَة تذْهب فِي غير طَاعَة
وَلما حملت بِهِ أمه رأى وَالِده فِي الْمَنَام أَنه يُولد لَك ولد يحيى الله بِهِ السّنة ولعمر الله هَكَذَا كَانَ أَحْيَا الله بِهِ السّنة وأمات بِهِ الْبِدْعَة يصدع بِالْحَقِّ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم ويسطو على أَعدَاء الله المبتدعة وَلَا يُبَالِي وَإِن رغم أنف الراغم لَا تَأْخُذهُ رأفة فِي دين الله وَلَا يقوم لغضبه أحد إِذا خَاضَ الْبَاغِي فِي صِفَات الله
قَالَ لَهُ شَيْخه أَبُو الْحسن بن قبيس وَقد عزم على الرحلة إِنِّي لأرجو أَن يحيى الله تَعَالَى بك هَذَا الشَّأْن فَكَانَ كَمَا قَالَ وعدت كَرَامَة للشَّيْخ وَبشَارَة لِلْحَافِظِ
وَقَالَ شَيْخه أَبُو الْفَتْح الْمُخْتَار بن عبد الحميد قدم علينا أَبُو عَليّ بن الْوَزير فَقُلْنَا مَا رَأينَا مثله ثمَّ قدم علينا أَبُو سعد بن السَّمْعَانِيّ فَقُلْنَا مَا رَأينَا مثله حَتَّى قدم علينا هَذَا فَلم نر مثله