وَهُوَ الَّذِي صنف لَهُ الشَّاشِي كتاب الْعُمْدَة وباسمه اشْتهر الْكتاب فَإِنَّهُ كَانَ يلقب عُمْدَة الدُّنْيَا وَالدّين وعدة الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين
بُويِعَ لَهُ بالخلافة لَيْلَة الْخَمِيس الرَّابِع وَالْعِشْرين من ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَخَمْسمِائة فَأول من بَايعه إخْوَته أَبُو عبد الله مُحَمَّد وَأَبُو طَالب الْعَبَّاس وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم وَأَبُو نصر مُحَمَّد وَأَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل وَأَبُو الْفضل عِيسَى ثمَّ تلاهم عمومته أَبُو جَعْفَر مُوسَى وَأَبُو إِسْحَاق وَأَبُو أَحْمد وَأَبُو عَليّ أَوْلَاد الْمُقْتَدِي ثمَّ جلس بكرَة الْخَمِيس جُلُوسًا عَاما وَدخل النَّاس لمبايعته وَكَانَ الْمُتَوَلِي لأخذ الْبيعَة قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْحسن الدَّامغَانِي فَأول من بَايع أَبُو الْقَاسِم الزَّيْنَبِي ثمَّ أَرْبَاب الدولة ثمَّ أسعد الميهني مدرس النظامية ثمَّ النَّاس على طبقاتهم ثمَّ أخرجت جَنَازَة المستظهر فصلى عَلَيْهَا المسترشد
وَكَانَ المسترشد وَقت الْمُبَايعَة لَهُ ابْن سبع وَعشْرين سنة لِأَن مولده فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن عشر شعْبَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وخطب لَهُ أَبوهُ بِولَايَة الْعَهْد وَنقش اسْمه على السِّكَّة فِي شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَذكر أَن المسترشد كَانَ تنسك فِي أول زَمَنه وَلبس الصُّوف وَتفرد فِي بَيت لِلْعِبَادَةِ
وَكَانَ مليح الْخط مَا كتب أحد من الْخُلَفَاء قبله مثله يسْتَدرك على كِتَابه وَيصْلح أغاليط فِي كتبهمْ
وَأما شهامته وهيبته وشجاعته وإقدامه فَأمر أشهر من الشَّمْس وَقت الزَّوَال وأوضح من الْبَدْر لَيْلَة الْكَمَال وَلم تزل أَيَّامه مكدرة بِكَثْرَة التشويش والمخالفين وَكَانَ يخرج بِنَفسِهِ لدفع ذَلِك إِلَى أَن خرج الخرجة الْأَخِيرَة إِلَى الْعرَاق فَكسر وَأخذ ورزق الشَّهَادَة على يَد الْمَلَاحِدَة
وَحكي أَن الْوَزير عَليّ بن طراد أَشَارَ إِلَيْهِ أَن ينزل فِي منزل اخْتَارَهُ وَقَالَ إِن ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أصون للحريم الشريف فَقَالَ كف يَا عَليّ فوَاللَّه لَأَضرِبَن بسيفي حَتَّى يكل ساعدي ولألقين الشَّمْس بوجهي حَتَّى يشحب لوني وانشد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute