للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن الألوهية ترجع إِلَى اسْتِحْقَاق الْعُبُودِيَّة وَلَا يسْتَحق الْعُبُودِيَّة إِلَّا من اتّصف بِجَمِيعِ مَا ذَكرْنَاهُ فَمَا كَانَ من أَسْمَائِهِ متضمنا للْجَمِيع على الْإِجْمَال كالواحد والأحد وَذي الْجلَال وَالْإِكْرَام فَهُوَ مندرج تَحت قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَإِنَّمَا اسْتحق الْعُبُودِيَّة لما وَجب لَهُ من أَوْصَاف الْجلَال ونعوت الْكَمَال الَّذِي لَا يصفه الواصفون وَلَا يعده العادون

(حسنك لَا تَنْقَضِي عجائبه ... كالبحر حدث عَنهُ بِلَا حرج)

فسبحان الله من عظم شَأْنه وَعز سُلْطَانه {يسْأَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} لافتقارهم إِلَيْهِ {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} لاقتداره عَلَيْهِ لَهُ الْخلق وَالْأَمر وَالسُّلْطَان والقهر فالخلائق مقهورون فِي قَبضته {وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} {يعذب من يَشَاء وَيرْحَم من يَشَاء وَإِلَيْهِ تقلبون} فسبحان الأزلي الذَّات وَالصِّفَات ومحيي الْأَمْوَات وجامع الرفات الْعَالم بِمَا كَانَ وَمَا هُوَ آتٍ

وَلَو أدرجت الْبَاقِيَات الصَّالِحَات فِي كلمة مِنْهَا على سَبِيل الْإِجْمَال وَهِي الْحَمد لله لاندرجت فِيهَا كَمَا قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لَو شِئْت أَن أوقر بَعِيرًا من قَوْلك الْحَمد لله لفَعَلت فَإِن الْحَمد هُوَ الثَّنَاء وَالثنَاء يكون بِإِثْبَات الْكَمَال تَارَة وبسلب النَّقْص أُخْرَى وَتارَة بالاعتراف بِالْعَجزِ عَن دَرك الْإِدْرَاك وَتارَة بِإِثْبَات التفرد بالكمال والتفرد بالكمال من أَعلَى مَرَاتِب الْمَدْح والكمال فقد اشْتَمَلت هَذِه الْكَلِمَة على مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاقِيَات الصَّالِحَات لِأَن الْألف وَاللَّام فِيهَا لاستغراق جنس الْمَدْح وَالْحَمْد مِمَّا علمنَا وجهلناه وَلَا خُرُوج للمدح عَن شَيْء مِمَّا ذَكرْنَاهُ وَلَا يسْتَحق الإلهية إِلَّا من اتّصف بِجَمِيعِ مَا قَرَّرْنَاهُ وَلَا يخرج عَن هَذَا الِاعْتِقَاد ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَلَا أحد من أهل الْملَل إِلَّا من خذله الله فَاتبع هَوَاهُ وَعصى مَوْلَاهُ أُولَئِكَ قوم قد غمرهم ذل الْحجاب وطردوا عَن الْبَاب وبعدوا عَن ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>