للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشدد عَلَيْهِم النكير وَقَالَ الْعجب أَنكُمْ كلكُمْ على الْحق وغيركم على الْبَاطِل وَمَا فِيكُم من نطق بِالْحَقِّ وسكتم وَمَا انتخبتم لله تَعَالَى وللشريعة المطهرة وَلما تكلم مِنْكُم من تكلم قَالَ السُّلْطَان أولى بالصفح وَالْعَفو وَلَا سِيمَا فِي مثل هَذَا الشَّهْر وَهَذَا غلط يُوهم الذَّنب فَإِن الْعَفو والصفح لَا يكونَانِ إِلَّا عَن جرم وذنب أما كُنْتُم سلكتم طَرِيق التلطف بإعلام السُّلْطَان بِأَن مَا قَالَه ابْن عبد السَّلَام مذهبكم وَهُوَ مَذْهَب أهل الْحق وَأَن جُمْهُور السّلف وَالْخلف على ذَلِك وَلم يخالفهم فِيهِ إِلَّا طَائِفَة مخذولة يخفون مَذْهَبهم ويدسونه على تخوف إِلَى من يستضعفون علمه وعقله وَقد قَالَ تَعَالَى {وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ وتكتموا الْحق وَأَنْتُم تعلمُونَ} وَلم يزل يعنفهم ويوبخهم إِلَى أَن اصْطلحَ مَعَهم على أَن يكْتب فتيا بِصُورَة الْحَال ويكتبوا فِيهَا بموافقة ابْن عبد السَّلَام فوافقوه على ذَلِك وَأخذ خطوطهم بموافقته وَالْتمس ابْن عبد السَّلَام من السُّلْطَان أَن يعْقد مَجْلِسا للشَّافِعِيَّة والحنابلة ويحضره الْمَالِكِيَّة وَالْحَنَفِيَّة وَغَيرهم من عُلَمَاء الْمُسلمين وَذكر لَهُ أَنه أَخذ خطوط الْفُقَهَاء الَّذين كَانُوا بِمَجْلِس السُّلْطَان لما قُرِئت عَلَيْهِ الْفتيا بموافقتهم لَهُ وَأَنَّهُمْ لم يُمكنهُم الْكَلَام بِحَضْرَة السُّلْطَان فِي ذَلِك الْوَقْت لغضبه وَمَا ظهر من حِدته فِي ذَلِك الْمجْلس وَقَالَ الَّذِي نعتقد فِي السُّلْطَان أَنه إِذا ظهر لَهُ الْحق يرجع إِلَيْهِ وَأَنه يُعَاقب من موه الْبَاطِل عَلَيْهِ وَهُوَ أولى النَّاس بموافقة وَالِده السُّلْطَان الْملك الْعَادِل تغمده الله برحمته ورضوانه فَإِنَّهُ عزّر جمَاعَة من أَعْيَان الْحَنَابِلَة المبتدعة تعزيرا بليغا رادعا وبدع بهم وأهانهم

فَلَمَّا اتَّصل ذَلِك بالسلطان استدعى دَوَاة وورقة وَكتب فِيهَا

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وصل إِلَيّ مَا التمسه الْفَقِيه ابْن عبد السَّلَام أصلحه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>