للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَذهب الغرز إِلَيْهِ وَجلسَ بَين يَدَيْهِ بِحسن تودد وتأدب وتأن ثمَّ قَالَ لَهُ أَنا رَسُول {وَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين} وَالله لقد تعصبوا عَلَيْك وأعنتهم أَنْت على نَفسك بِعَدَمِ اجتماعك فِي مبدإ الْأَمر بالسلطان وَلَو كَانَ رآك وَلَو مرّة وَاحِدَة لما كَانَ شَيْء من هَذِه الْأُمُور أصلا وَكنت أَنْت عِنْده الْأَعْلَى فَقَالَ لَهُ أد الرسَالَة كَمَا قيلت لَك وَلَا تسْأَل فَقَالَ لَا تسْأَل مَا حصل عِنْد السُّلْطَان عِنْد وُقُوفه على ورقتك وَلَا سِيمَا أَنه وجد فِيهَا مَا لَا يعهده من مُخَاطبَة النَّاس للملوك مُضَافا إِلَى مَا ذكرته من مُخَالفَة اعْتِقَاده فَقَالَ لي اذْهَبْ إِلَى ابْن عبد السَّلَام وَقل لَهُ إِنَّا قد شرطنا عَلَيْهِ ثَلَاثَة شُرُوط أَحدهَا أَنه لَا يُفْتى وَالثَّانيَِة أَنه لَا يجْتَمع بِأحد وَالثَّالِثَة أَنه يلْزم بَيته

فَقَالَ لَهُ يَا غرز إِن هَذِه الشُّرُوط من نعم الله الجزيلة عَليّ الْمُوجبَة للشكر لله تَعَالَى على الدَّوَام أما الْفتيا فَإِنِّي كنت وَالله متبرما بهَا وأكرهها وأعتقد أَن الْمُفْتِي على شَفير جَهَنَّم وَلَوْلَا أَنِّي أعتقد أَن الله أوجبهَا عَليّ لتعينها عَليّ فِي هَذَا الزَّمَان لما كنت تلوثت بهَا والآن فقد عذرني الْحق وَسقط عني الْوُجُوب وتخلصت ذِمَّتِي وَللَّه الْحَمد والْمنَّة وَأما ترك اجتماعي بِالنَّاسِ ولزومي لبيتي فَمَا أَنا فِي بَيْتِي الْآن وَإِنَّمَا أَنا فِي بُسْتَان وَكَانَ فِي تِلْكَ السّنة اسْتَأْجر بستانا متطرفا عَن الْبَسَاتِين وَكَانَ مخوفا فَقَالَ لَهُ الغرز الْبُسْتَان هُوَ الْآن بَيْتك

واتفقت لَهُ فِيهِ أعجوبة وَهُوَ أَن جمَاعَة من المفسدين قصدوه فِي لَيْلَة مُقْمِرَة وَهُوَ فِي جوسق عَال ودخلوا الْبُسْتَان واحتاطوا بالجوسق فخاف أَهله خوفًا شَدِيدا فَعِنْدَ ذَلِك نزل إِلَيْهِم وَفتح بَاب الْجَوْسَقِ وَقَالَ أَهلا بضيوفنا

<<  <  ج: ص:  >  >>