ثمَّ إِن المصريين حلفوا للْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وكاتبوه بذلك فوصل إِلَيْهِم وَملك الديار المصرية وَسَار فِي أَهلهَا السِّيرَة المرضية فخاف مِنْهُ الصَّالح إِسْمَاعِيل خوفًا مَنعه الْمَنَام وَالطَّعَام وَالشرَاب واصطلح مَعَ الفرنج على أَن ينجدوه على الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وَيسلم إِلَيْهِم صيدا والشقيف وَغير ذَلِك من حصون الْمُسلمين وَدخل الفرنج دمشق لشراء السِّلَاح لِيُقَاتِلُوا بِهِ عباد الله الْمُؤمنِينَ فشق ذَلِك على الشَّيْخ مشقة عَظِيمَة فِي مبايعة الفرنج السِّلَاح وعَلى المتدينين من المتعيشين من السِّلَاح فاستفتوا الشَّيْخ فِي مبايعة الفرنج السِّلَاح فَقَالَ يحرم عَلَيْكُم مُبَايَعَتهمْ لأنكم تتحققون أَنهم يشترونه لِيُقَاتِلُوا بِهِ إخْوَانكُمْ الْمُسلمين وجدد دعاءه على الْمِنْبَر وَكَانَ يَدْعُو بِهِ إِذا فرغ من الْخطْبَتَيْنِ قبل نُزُوله من الْمِنْبَر وَهُوَ اللَّهُمَّ أبرم لهَذِهِ الْأمة أمرا رشدا تعز فِيهِ وليك وتذل فِيهِ عَدوك وَيعْمل فِيهِ بطاعتك وَينْهى فِيهِ عَن معصيتك وَالنَّاس يبتهلون بالتأمين وَالدُّعَاء للْمُسلمين والنصر على أَعدَاء الله الْمُلْحِدِينَ
فكاتب أعوان الشَّيْطَان السُّلْطَان بذلك وحرفوا القَوْل وزخرفوه فجَاء كِتَابه باعتقال الشَّيْخ فَبَقيَ مُدَّة معتقلا ثمَّ وصل الصَّالح إِسْمَاعِيل وَأخرج الشَّيْخ بعد محاورات ومراجعات فَأَقَامَ مُدَّة بِدِمَشْق ثمَّ انتزح عَنْهَا إِلَى بَيت الْمُقَدّس فوافاه الْملك النَّاصِر دَاوُد فِي الْفَوْر فَقطع عَلَيْهِ الطَّرِيق وَأَخذه وَأقَام عِنْده بنابلس مُدَّة وَجَرت لَهُ مَعَه خطوب ثمَّ انْتقل إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَأقَام بِهِ مُدَّة ثمَّ جَاءَ الصَّالح إِسْمَاعِيل وَالْملك الْمَنْصُور صَاحب حمص وملوك الفرنج بعساكرهم وجيوشهم إِلَى بَيت الْمُقَدّس يقصدون الديار المصرية فسير الصَّالح إِسْمَاعِيل بعض خواصه إِلَى الشَّيْخ بمنديله وَقَالَ لَهُ تدفع منديلي إِلَى الشَّيْخ وتتلطف بِهِ غَايَة التلطف وتستنزله وتعده بِالْعودِ إِلَى مناصبه على أحسن حَال فَإِن وَافَقَك فَتدخل بِهِ عَليّ وَإِن خالفك فاعتقله فِي خيمة إِلَى جَانب خَيْمَتي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute