ذكر الشَّيْخ عز الدّين فِي أَمَالِيهِ أَن الْقَاتِل إِذا نَدم وعزم أَن لَا يعود لكنه امْتنع من تَسْلِيم نَفسه للْقصَاص لم يقْدَح ذَلِك فِي تَوْبَته قَالَ وَهَذَا ذَنْب متجدد بعد الَّذِي عصى بِهِ مُخَالف لما وَقع بِهِ الْعِصْيَان من الْقَتْل وَنحن إِنَّمَا نشترط الإقلاع فِي الْحَال عَن أَمْثَال الْفِعْل الَّذِي وَقع بِهِ الْعِصْيَان
قلت وَهَذِه فَائِدَة جليلة وَالظَّاهِر أَن كل قَاتل ينْدَم على كَونه قتل ويستغفر ويعزم أَن لَا يعود وَالظَّاهِر أَيْضا أَنه لَا يسلم نَفسه فصحة تَوْبَته عَن الْقَتْل وَالْحَالة هَذِه لطف وَرَحْمَة فَإِن تَسْلِيم الْمَرْء نَفسه إِلَى الْقَتْل مشق وَقد لَا يُوقف الشَّارِع تَوْبَته على هَذَا الْمشق الْعَظِيم فَلَمَّا قَالَه الشَّيْخ عز الدّين اتجاه لَكِن صرح الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي بِخِلَافِهِ فَقَالَ إِن صِحَة تَوْبَته مَوْقُوفَة على تَسْلِيم نَفسه إِلَى مُسْتَحقّ الْقصاص يقْتَصّ أَو يعْفُو وَبِه جزم الرَّافِعِيّ وَمن بعده قَالُوا يَأْتِي الْمُسْتَحق ويمكنه من الِاسْتِيفَاء فإمَّا أَن يحمل كَلَامهم على صِحَة التَّوْبَة مُطلقًا عَن ذَنْب الْقَتْل وَغَيره بِمَعْنى أَن الْقَاتِل إِذا أَرَادَ التَّوْبَة عَن كل ذَنْب الْقَتْل وَغَيره فَهَذَا طَرِيقه وَإِمَّا أَن ينظر أَي الْكَلَامَيْنِ أصح وَبِالْجُمْلَةِ مَا قَالَه شيخ الْإِسْلَام عز الدّين مستغرب تنبو عَنهُ ظواهر مَا فِي كتب أَصْحَابنَا وَله اتجاه ظَاهر فَلْينْظر فِيهِ فَإِنِّي لم أشبعه نظرا والأرجح عِنْدِي مَا قَالَه الشَّيْخ عز الدّين لكنه تَرْجِيح من لم يسْتَوْف النّظر فَلَا يعْتَمد ثمَّ ننصرف ونقول هُنَا لَو صدقت تَوْبَة الْقَاتِل وهاجت نيران الْمعْصِيَة فِي قلبه لسلم نَفسه وَلَو سلمهَا لسلمه الله تَعَالَى وَقدر لوَلِيّ الدَّم أَن يعْفُو عَنهُ هَذَا هُوَ المرجو الَّذِي يَقع فِي النَّفس
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين فِي الْقَوَاعِد يَنْبَغِي أَن يُؤَخر الصَّلَاة عَن أول الْوَقْت بِكُل مشوش يُؤَخر الْحَاكِم الحكم بِمثلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute