ثمَّ وَردت كتب هولاكو إِلَى صَاحب الْموصل لُؤْلُؤ فِي تهيئة الإقامات وَالسِّلَاح فَأخذ يُكَاتب الْخَلِيفَة سرا ويهيء لَهُم مَا يُرِيدُونَ جَهرا والخليفة لَا يَتَحَرَّك وَلَا يَسْتَيْقِظ فَلَمَّا أزف الْيَوْم الْمَوْعُود وَتحقّق أَن الْعَدَم مَوْجُود جهز رَسُوله يعدهم بأموال عَظِيمَة ثمَّ سير مائَة رجل إِلَى الدربند يكونُونَ فِيهِ ويطالعونه بالأخبار فَقَتلهُمْ التتار أَجْمَعِينَ وَركب السُّلْطَان هولاكو إِلَى الْعرَاق وَكَانَ على مقدمته بايجو نوين وَأَقْبلُوا من جِهَة الْبر الغربي عَن دجلة فَخرج عَسْكَر بَغْدَاد وَعَلَيْهِم ركن الدّين الدويدار فَالْتَقوا على نَحْو مرحلَتَيْنِ من بَغْدَاد وانكسر البغداديون وأخذتهم السيوف وغرق بَعضهم فِي المَاء وهرب الْبَاقُونَ ثمَّ سَاق بايجو نوين فَنزل الْقرْيَة مُقَابل دَار الْخلَافَة وَبَينه وَبَينهَا دجلة وَقصد هولاكو بَغْدَاد من جِهَة الْبر الشَّرْقِي ثمَّ إِنَّه ضرب سورا على عسكره وأحاط بِبَغْدَاد فَأَشَارَ الْوَزير على الْخَلِيفَة بمصانعتهم وَقَالَ أخرج أَنا إِلَيْهِم فِي تَقْرِير الصُّلْح فَخرج وتوثق لنَفسِهِ من التتار ورد إِلَى المستعصم وَقَالَ إِن السُّلْطَان يَا مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد رغب فِي أَن يُزَوّج بنته بابنك الْأَمِير أبي بكر ويبقيك فِي منصب الْخلَافَة كَمَا أبقى صَاحب الرّوم فِي سلطنته وَلَا يُؤثر إِلَّا أَن تكون الطَّاعَة لَهُ كَمَا كَانَ أجدادك مَعَ السلاطين السلجوقية وينصرف عَنْك بجيوشه فمولانا أَمِير الْمُؤمنِينَ يفعل هَذَا فَإِن فِيهِ حقن دِمَاء الْمُسلمين وَبعد ذَلِك يمكننا أَن نَفْعل مَا نُرِيد والرأي أَن تخرج إِلَيْهِ
فَخرج أَمِير الْمُؤمنِينَ بِنَفسِهِ فِي طوائف من الْأَعْيَان إِلَى بَاب الطاغية هولاكو وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا باالله الْعلي الْعَظِيم فَأنْزل الْخَلِيفَة فِي خيمة ثمَّ دخل الْوَزير فاستدعى الْفُقَهَاء والأماثل ليحضروا العقد فَخَرجُوا من بَغْدَاد فَضربُوا أَعْنَاقهم وَصَارَ كَذَلِك يخرج طَائِفَة بعد طَائِفَة فَتضْرب أَعْنَاقهم ثمَّ طلب حَاشِيَة الْخَلِيفَة فَضرب أَعْنَاق الْجَمِيع ثمَّ طلب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute