الجزار الأديب كَانَ يَصْحَبهُ وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة لشدَّة تصلبه فِي الدّين يعرف النَّاس مِنْهُ أَنه لَا يرخص لأحد فظفر بعض أَعدَاء الجزار بِوَرَقَة بِخَط الجزار يَدْعُو فِيهَا شخصا إِلَى مجْلِس أنس وَوصف الْمجْلس وَوضع الورقة فِي نُسْخَة من صِحَاح الْجَوْهَرِي فِي الْقَائِمَة الأولى مِنْهَا وَأعْطى الْكتاب لدلال الْكتب وَقَالَ اعرضه على قَاضِي الْقُضَاة فَأحْضرهُ لَهُ فَقَرَأَ الورقة وَعرف خطّ الجزار وَقَالَ للدلال رد الْكتاب إِلَى صَاحبه فَإِنَّهُ مَا يَبِيعهُ فقد فهمنا مقْصده فَلَمَّا حضر الجزار نَاوَلَهُ قَاضِي القَاضِي الورقة ففهم وَقَالَ يَا مولَايَ هَذَا خطي من ثَلَاثِينَ سنة ثمَّ اشْتهى الجزار أَن يعرف مَا عِنْد القَاضِي وَهل تأثر بِالْوَرَقَةِ فأغفله أَيَّامًا ثمَّ حكى لَهُ فِي أثْنَاء مجْلِس أَن شخصا كَانَ يصحب قَاضِي الْقُضَاة عماد الدّين ابْن السكرِي فَوَقَعت لَهُ شَهَادَة على شخص فسابقه ذَلِك الشَّخْص وَادّعى عَلَيْهِ أَنه اسْتَأْجرهُ من مُدَّة كَذَا ليغني لَهُ فِي عرس بِكَذَا وَقبض الْأُجْرَة وَلم يغن فَأنْكر وانفصلت الْخُصُومَة ثمَّ وَقعت لَهُ الدَّعْوَى على الْمُدعى الْمَذْكُور وَشهد ذَلِك الشَّاهِد فَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين مَا صنع ابْن السكرِي فَقَالَ لَهُ الجزار لم يقبل شَهَادَته فَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين مَا أنصف ابْن السكرِي فَعرف الجزار أَنه لم يتأثر بِالْوَرَقَةِ
توفّي رَحمَه الله لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من شهر رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة بِالْقَاهِرَةِ ورثاه بَعضهم بِأَبْيَات مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute