وَكَانَ شَيخنَا تَقِيّ الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح الْمُتَقَدّم ذكره يُبَالغ فِي الثَّنَاء على فضائله وتعظيم شَأْنه وتوحده فِي الْعُلُوم فَذكره يَوْمًا وَشرع فِي وَصفه على عَادَته فَقَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين يَا سيدنَا على من اشْتغل وَمن كَانَ شَيْخه فَقَالَ هَذَا الرجل خلقه الله إِمَامًا عَالما فِي فنونه لايقال على من اشْتغل وَلَا من كَانَ شَيْخه فَإِنَّهُ أكبر من هَذَا
وَحكى لي بعض الْفُقَهَاء بالموصل أَن ابْن الصّلاح الْمَذْكُور سَأَلَهُ أَن يقْرَأ عَلَيْهِ شَيْئا من الْمنطق سرا فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَتردد إِلَيْهِ مُدَّة فَلم يفتح عَلَيْهِ بِشَيْء فَقَالَ لَهُ يَا فَقِيه الْمصلحَة عِنْدِي أَن تتْرك الِاشْتِغَال بِهَذَا الْفَنّ فَقَالَ لَهُ وَلم ذَلِك يَا مَوْلَانَا فَقَالَ لِأَن النَّاس يَعْتَقِدُونَ فِيك الْخَيْر وهم ينسبون كل من اشْتغل بِهَذَا الْفَنّ إِلَى فَسَاد الِاعْتِقَاد فكأنك تفْسد عقائدهم فِيك وَلَا يحصل لَك من هَذَا الْفَنّ شَيْء فَقبل إِشَارَته وَترك قِرَاءَته
وَمن يقف على هَذِه التَّرْجَمَة فَلَا ينسبني إِلَى المغالاة فِي حق الشَّيْخ وَمن كَانَ من أهل تِلْكَ الْبِلَاد وَعرف مَا كَانَ عَلَيْهِ الشَّيْخ عرف أَنِّي مَا أعرته وَصفا ونعوذ من الغلو والتساهل فِي النَّقْل