للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمعنت النّظر فِيمَا قُلْنَاهُ واستقريت هَذِه الْآيَات لم تَجِد فِيهَا كلمة على وفْق مَا قَالَه أَولا وَلَا نصا وَلَا ظَاهرا أَلْبَتَّة وكل أَمر بعد كتاب الله تَعَالَى وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ خلل

ثمَّ اسْتدلَّ من السّنة بِحَدِيث الْمِعْرَاج وَلم يرد فِي حَدِيث الْمِعْرَاج أَن الله فَوق السَّمَاء أَو فَوق الْعَرْش حَقِيقَة وَلَا كلمة وَاحِدَة من ذَلِك وَهُوَ لم يسْرد حَدِيث الْمِعْرَاج وَلَا بَين الدّلَالَة مِنْهُ حَتَّى نجيب عَنهُ فَإِن بَين وَجه الِاسْتِدْلَال عَرفْنَاهُ كَيفَ الْجَواب

وَاسْتدلَّ بنزول الْمَلَائِكَة من عِنْد الله تَعَالَى وَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن نزُول الْمَلَائِكَة من السَّمَاء إِنَّمَا كَانَ لِأَن السَّمَاء مقرهم والعندية لَا تدل على أَن الله فِي السَّمَاء لِأَنَّهُ يُقَال فِي الرُّسُل الْآدَمِيّين إِنَّهُم من عِنْد الله وَإِن لم يَكُونُوا نزلُوا من السَّمَاء على أَن العندية قد يُرَاد بهَا الشّرف والرتبة قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} وتستعمل فِي غير ذَلِك كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِكَايَة عَن ربه عز وَجل (أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي)

وَذكر عروج الْمَلَائِكَة وَقد سبق وَرُبمَا شدّ فقار ظَهره وقوى منَّة منته بِلَفْظَة {إِلَى رَبهم} وَأَن {إِلَى} لانْتِهَاء الْغَايَة وَأَنَّهَا فِي قطع الْمسَافَة وَإِذا سكت عَن هَذَا لم يتَكَلَّم بِكَلَام الْعَرَب فَإِن الْمسَافَة لَا تفهم الْعَرَب مِنْهَا إِلَّا مَا تنْتَقل فِيهِ الْأَجْسَام وَهُوَ يَقُول إِنَّهُم لَا يَقُولُونَ بذلك وَقد قَالَ الْخَلِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي} وَلَيْسَ المُرَاد بذلك الِانْتِهَاء الَّذِي عناه الْمُدَّعِي بالِاتِّفَاقِ فَلم يجترئ على ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى وَلَا يُجَاب بِهِ فِي خبر الْوَاحِد

وَذكر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَلا تأمنوني وَأَنا أَمِين من فِي السَّمَاء يأتيني خبر من فِي السَّمَاء صباحا وَمَسَاء) وَلَيْسَ المُرَاد بِمن هُوَ الله تَعَالَى وَلَا ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك وَلَا خصّه بِهِ وَمن أَيْن للْمُدَّعِي أَنه لَيْسَ المُرَاد بِمن

<<  <  ج: ص:  >  >>