للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القطعية وَهَذِه الْعبارَات الرائقة الجلية وَحصر الاسْتوَاء على الشَّيْء فِي الْعَرْش مِمَّا لَا يَقُوله عَاقل فضلا عَن جَاهِل

ثمَّ قَالَ من توهم أَن كَون الله فِي السَّمَاء بِمَعْنى أَن السَّمَاء تحيط بِهِ وتحويه فَهُوَ كَاذِب إِن نَقله عَن غَيره وضال إِن اعتقده فِي ربه وَمَا سمعنَا أحدا يفهمهُ من اللَّفْظ وَلَا رَأينَا أحد نَقله عَن أحد

فليستفد النَّاظر أَن الْفَهم يسمع

قَالَ وَلَو سُئِلَ سَائِر الْمُسلمين هَل يفهمون من قَول الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله تَعَالَى فِي السَّمَاء تحويه لبادر كل أحد مِنْهُم إِلَى أَن يَقُول هَذَا شَيْء لَعَلَّه لم يخْطر ببالنا وَإِذا كَانَ الْأَمر هَكَذَا فَمن التَّكَلُّف أَن يَجْعَل ظَاهر اللَّفْظ شَيْئا محالا لَا يفهمهُ النَّاس مِنْهُ ثمَّ يُرِيد أَن يتأوله

قَالَ بل عِنْد الْمُسلمين أَن الله فِي السَّمَاء وَهُوَ على الْعَرْش وَاحِد إِذْ السَّمَاء إِنَّمَا يُرَاد بِهِ الْعُلُوّ فَالْمَعْنى الله فِي الْعُلُوّ لَا فِي السّفل

هَكَذَا قَالَ هَذَا الْمُدعى فليثن النَّاظر على هَذِه بالخناصر وليعض عَلَيْهَا بالنواجذ وليعلم أَن الْقَوْم {يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ}

قَالَ وَقد علم الْمُسلمُونَ أَن كرسيه تَعَالَى وسع السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَن الْكُرْسِيّ فِي الْعَرْش كحلقة ملقاة بِأَرْض فلاة وَأَن الْعَرْش خلق من مخلوقات الله تَعَالَى لَا نِسْبَة لَهُ إِلَّا قدرَة الله وعظمته وَكَيف يتَوَهَّم متوهم بعد هَذَا أَن خلقا يحصره ويحويه وَقد قَالَ تَعَالَى {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} وَقَالَ تَعَالَى {فسيروا فِي الأَرْض} بِمَعْنى على وَنَحْو ذَلِك وَهُوَ كَلَام عَرَبِيّ حَقِيقَة لَا مجَاز

<<  <  ج: ص:  >  >>