للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَاصِل كلامك أَن مقَالَة الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة والمالكية يلْزمهَا أَن يكون ترك النَّاس بِلَا كتاب وَلَا سنة أهْدى لَهُم أفتراهم يكفرونك بذلك أم لَا

ثمَّ جعلت أَن مُقْتَضى كَلَام الْمُتَكَلِّمين أَن الله تَعَالَى وَرَسُوله وَسلف الْأمة تركُوا العقيدة حَتَّى بَينهَا هَؤُلَاءِ فَقل لنا إِن الله وَرَسُوله وَسلف الْأمة بينوها ثمَّ انقل عَنْهُم أَنهم قَالُوا كَمَا تَقول إِن الله تَعَالَى فِي جِهَة الْعُلُوّ لَا فِي جِهَة السّفل وَإِن الْإِشَارَة الحسية جَائِزَة إِلَيْهِ فَإِذا لم تَجِد ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى وَلَا كَلَام رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا كَلَام أحد من الْعشْرَة وَلَا كَلَام أحد من السَّابِقين الْأَوَّلين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار رَضِي الله عَنْهُم فعد على نَفسك باللائمة وَقل لقد ألزمت الْقَوْم بِمَا لَا يلْزمهُم وَلَو لَزِمَهُم لَكَانَ عَلَيْك اللوم

ثمَّ قلت عَن الْمُتَكَلِّمين إِنَّهُم يَقُولُونَ مَا يكون على وفْق قِيَاس الْعُقُول فقولوه وَإِلَّا فانفوه

وَالْقَوْم لم يَقُولُوا ذَلِك بل قَالُوا صفة الْكَمَال يجب ثُبُوتهَا لله وَصفَة النَّقْص يجب نَفيهَا عَنهُ

كَمَا قَالَه الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ قَالُوا وَمَا ورد من الله تَعَالَى وَمن رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فليعرض على لُغَة الْعَرَب الَّتِي أرسل الله تَعَالَى مُحَمَّدًا بلغتهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} فَمَا فهمت الْعَرَب فافهمه وَمن جَاءَك بِمَا يُخَالِفهُ فانبذ كَلَامه نبذ الْحذاء المرقع وَاضْرِبْ بقوله حَائِط الحش

ثمَّ نعقد فصلا إِن شَاءَ الله تَعَالَى بعد إِفْسَاد مَا نزع بِهِ فِي سَبَب وُرُود هَذِه الْآيَات على هَذَا الْوَجْه فَإِنَّهُ إِنَّمَا تلقف مَا نَزغ بِهِ فِي مُخَالفَة الْجَمَاعَة وأساء القَوْل على الْملَّة من حثالة الْمَلَاحِدَة الطاعنين فِي الْقُرْآن وسنبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى ضلالهم وَيعلم إِذْ ذَاك

<<  <  ج: ص:  >  >>