أما التَّقْدِيس فَهُوَ أَن يعْتَقد فِي كل آيَة أَو خبر معنى يَلِيق بِجلَال الله تَعَالَى مِثَال ذَلِك إِذا سمع قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله ينزل كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا) وَكَانَ النُّزُول يُطلق على مَا يفْتَقر إِلَى جسم عَال وجسم سافل وجسم منتقل من العالي إِلَى السافل والزوال انْتِقَال جسم من علو إِلَى سفل وَيُطلق على معنى آخر لَا يفْتَقر إِلَى انْتِقَال وَلَا حَرَكَة جسم كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَأنزل لكم من الْأَنْعَام ثَمَانِيَة أَزوَاج} مَعَ أَن النعم لم تنزل من السَّمَاء بل هِيَ مخلوقة فِي الْأَرْحَام قطعا فالنزول لَهُ معنى غير حَرَكَة الْجِسْم لَا محَالة
وَفهم ذَلِك من قَول الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ دخلت مصر فَلم يفهموا كَلَامي فَنزلت ثمَّ نزلت ثمَّ نزلت
وَلم يرد حِينَئِذٍ الِانْتِقَال من علو إِلَى سفل
فليتحقق السَّامع أَن النُّزُول لَيْسَ بِالْمَعْنَى الأول فِي حق الله تَعَالَى فَإِن الْجِسْم على الله محَال
وَإِن كَانَ لَا يفهم من النُّزُول الِانْتِقَال فَيُقَال لَهُ من عجز عَن فهم نزُول الْبَعِير فَهُوَ عَن فهم نزُول الله عز وَجل أعجز
فَاعْلَم أَن لهَذَا معنى يَلِيق بجلاله
وَفِي كَلَام عبد الْعَزِيز الْمَاجشون السَّابِق إِلَى هَذَا مرامز
وَكَذَلِكَ لَفْظَة فَوق الْوَارِدَة فِي الْقُرْآن وَالْخَبَر فَليعلم أَن فَوق تَارَة تكون للجسمية وَتارَة للمرتبة كَمَا سبق فَليعلم أَن الجسمية على الله محَال