وَإِذا كَانَ فِي جِهَة مشارا إِلَيْهِ لزم تناهيه وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ فِي هَذِه الْجِهَة دون غَيرهَا فقد حصل فِيهَا دون غَيرهَا وَلَا معنى لتناهيه إِلَّا ذَلِك وكل متناه مُحدث لِأَن تَخْصِيصه بِهَذَا الْمِقْدَار دون سَائِر الْمَقَادِير لَا بُد لَهُ من مُخَصص
فقد ظهر بِهَذَا الْبُرْهَان الَّذِي يُبْدِهِ الْعُقُول أَن القَوْل بالجهة يُوجب كَون الْخَالِق مخلوقا والرب مربوبا وَأَن ذَاته متصرف فِيهَا وَتقبل الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا
الْبُرْهَان الثَّانِي
الْمُسْتَفَاد من كَلَام الشبلي رَضِي الله عَنهُ شيخ الطَّرِيق وَعلم التَّحْقِيق فِي قَوْله الرَّحْمَن لم يزل وَالْعرش مُحدث وَالْعرش بالرحمن اسْتَوَى
وَتَقْرِيره أَن الْجِهَة الَّتِي يخْتَص الله تَعَالَى بهَا على قَوْلهم تَعَالَى الله عَنْهَا وسموها الْعَرْش إِمَّا أَن تكون مَعْدُومَة أَو مَوْجُودَة وَالْقسم الأول محَال بالِاتِّفَاقِ
وَأَيْضًا فَإِنَّهَا تقبل الْإِشَارَة الحسية وَالْإِشَارَة الحسية إِلَى الْعَدَم محَال فَهِيَ مَوْجُودَة وَإِذا كَانَت مَوْجُودَة فَإِن كَانَت قديمَة مَعَ الله فقد وجد لنا قديم غير الله وَغير صِفَاته فَحِينَئِذٍ لَا يدرى أَيهمَا الأولة
وَهَذَا خبث هَذِه العقيدة
وَإِن كَانَت حَادِثَة فقد حدث التحيز بِاللَّه تَعَالَى فَيلْزم أَن يكون الله قَابلا لصفات نفسية حَادِثَة تَعَالَى الله عَن ذَلِك