للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِأَن جلّ مَقْصُود النُّبُوَّة هِدَايَة عُمُوم النَّاس فَلَمَّا كَانَ الْأَكْثَر محكما وألجمت الْعَامَّة عَن الْخَوْض فِي الْمُتَشَابه حصل الْمَقْصُود لَوْلَا أَن يقيض الله تَعَالَى لَهُم شَيْطَانا يستهويهم ويهلكهم وَلَو أظهر الْمُتَشَابه لضعفت عقول الْعَالم عَن إِدْرَاكه

ثمَّ من فَوَائِد الْمُتَشَابه رفْعَة مَرَاتِب الْعلمَاء بَعضهم على بعض كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَفَوق كل ذِي علم عليم} وَتَحْصِيل زِيَادَة الأجور بالسعي فِي تفهمها وتفهيمها وتعلمها وتعليهما

وَأَيْضًا لَو كَانَ وَاضحا جليا مفهوما بِذَاتِهِ لما تعلم النَّاس سَائِر الْعُلُوم بل هجرت بِالْكُلِّيَّةِ ووضح الْكتاب بِذَاتِهِ وَلما احْتِيجَ إِلَى علم من الْعُلُوم الْمعينَة على فهم كَلَامه تَعَالَى ثمَّ خُوطِبَ فِي الْمُتَشَابه بِمَا هُوَ عَظِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم وَإِن كَانَ الْأَمر أعظم مِنْهُ كَمَا نبه عَلَيْهِ عبد الْعَزِيز الْمَاجشون فِي القبضة وكما قَالَ تَعَالَى فِي نعيم أهل الْجنَّة {فِي سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود وَمَاء مسكوب} الْآيَة

فَهَذَا عَظِيم عِنْدهم وَإِن كَانَ فِي الْجنَّة مَا هُوَ أعظم مِنْهُ كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِكَايَة على الله عز وَجل (أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر)

نسْأَل الله الْعَظِيم أَن يَجْعَل فِيهَا قرارنا وَأَن ينور بصيرتنا وأبصارنا وَأَن يَجْعَل ذَلِك لوجهه الْكَرِيم بمنه وَكَرمه

وَنحن نَنْتَظِر مَا يرد من تمويهه وفساده لنبين مدارج زيغه وعناده ونجاهد فِي الله حق جهاده وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

<<  <  ج: ص:  >  >>