الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا) فَافْهَم بذلك أَن المقرب متقربان متقرب إِلَى الْجنَّة بأعمالها ومتقرب إِلَى الله بِذكرِهِ كَمَا ثَبت فِي (أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَأَنا مَعَه حِين يذكرنِي) إِلَى قَوْله (وَإِن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا تقربت مِنْهُ باعا)
وَذَلِكَ يفهمك أَن المتقرب إِلَى الله تَعَالَى لَا يُمكن أَن يبْقى بَينه وَبَينه ذِرَاع لِأَن ذَلِك الذِّرَاع إِن كَانَ التَّقَرُّب بِهِ مَطْلُوبا من العَبْد لم يبْق بعده مِقْدَار يتَقرَّب الله تَعَالَى بِهِ إِلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فيستلزم الْخلف فِي خَبره وَهُوَ محَال وَإِن كَانَ مَوْعُودًا بِهِ من الله لزم تنجز وعده وَتحقّق الْقرب للْعَبد فَلَا يبْقى بعد وَلَا دُخُول إِلَى النَّار فَعلم أَن ذَلِك الذِّرَاع مَخْصُوص بِأَهْل الْقرب إِلَى الْجنَّة الَّتِي لَا يلْزم مِمَّن يقرب إِلَيْهَا فافهمه فَإِنَّهُ بديع
انْتهى
وَمِنْه قَالَ أنكر القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي كتاب الأحوذي ثُبُوت الرُّؤْيَة فِي الْموقف وَقَالَ إِن نعيم الرُّؤْيَة لَا يكون إِلَّا للْمُؤْمِنين فِي الْجنَّة وَأَن مَا جَاءَ فِي الرُّؤْيَة فِي الْموقف فَإِنَّمَا هُوَ على سَبِيل الامتحان والاختبار
وَالَّذِي نعتقده ثُبُوت الرُّؤْيَة وتعميمها للْمُؤْمِنين فِي الْموقف على مَا صَحَّ فِي الحَدِيث وَذَلِكَ صَرِيح فِي قَوْله تَعَالَى {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} انْتهى وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute