للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالنبي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَلَا يحْتَاج إِلَى إِذن من أحد وَمَا يلْزم على ذَلِك من اجْتِمَاع مالكين على مَمْلُوك وَاحِد لَا مَحْذُور فِيهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي بعض تعاليقنا

وَهَذَا كَمَا أَن الْوُجُود بأسره ملك لله تَعَالَى ملكا حَقِيقِيًّا وَملك كل مَالك مَا ملكه الله وَهَكَذَا نقُول إِن الْوُجُود بأسره ملك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَصَرَّف فِيهِ كَيفَ يَشَاء وَإِذا ازْدحم هُوَ وَبَعض الْملاك فِي شَيْء كَانَ أَحَق لِأَنَّهُ مَالك مُطلق وَلَا كَذَلِك غَيره لِأَن كل وَاحِد وَإِن ملك شَيْئا فَعَلَيهِ فِيهِ الْحجر من بعض الْوُجُوه

ولي أرجوزة فِي خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعجزاته مِنْهَا

(وَهُوَ إِذا احْتَاجَ إِلَى مَال الْبشر ... أَحَق من مَالِكه بِلَا نظر)

(لِأَنَّهُ أولى بِذِي الْإِيمَان ... من نَفسه بِالنَّصِّ فِي الْقُرْآن)

وَذكر الشَّيْخ كَمَال الدّين إشْكَالًا ذكره ابْن الْمُنِير فِي حَدِيث قتل كَعْب ابْن الْأَشْرَف حَاصله أَن النّيل من عرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفر وَلَا تُبَاح كلمة الْكفْر إِلَّا بِالْإِكْرَاهِ فَكيف استأذنوه عَلَيْهِ السَّلَام أَن ينالوا مِنْهُ بألسنتهم استدراجا لِلْعَدو وَأذن لَهُم

وَأجَاب عَنهُ بِأَن كَعْبًا كَانَ يحرض على قتل الْمُسلمين وَفِي قَتله خلاص من ذَلِك فَكَأَنَّهُ أكره النَّاس على النُّطْق بِهَذَا الْكَلَام بتعريضه إيَّاهُم للْقَتْل فدفعوا عَن أنفسهم بألسنتهم

انْتهى

قَالَ الشَّيْخ كَمَال الدّين فِي هَذَا الْجَواب نظر لَا يخفى وَيحْتَمل أجوبة مِنْهَا أَن النّيل لم يكن صَرِيحًا فِي الْكفْر بل كَانَ تعريضا يُوهم الْمُخَاطب لَهُم فِيهِ مَقَاصِد صَحِيحَة وَذَلِكَ فِي الخديعة قد يجوز

وَمِنْهَا أَنه كَانَ بِإِذْنِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ صَاحب الْحق وَقد أذن

<<  <  ج: ص:  >  >>